وعن الآية الثانية، أن يقال اسم الامر، وإن أطلق على الفعل والقول المخصوص، لكنه يجب اعتقاد كونه حقيقة في أمر مشترك بينهما، وهو الشأن والصفة نفيا للتجوز والاشتراك عن اللفظ لكونهما على خلاف الأصل. وعند ذلك فلفظ الامر المحذر من مخالفته يكون مطلقا. والمطلق إذا عمل به في صورة فقد خرج عن كونه حجة ضرورة توفية العمل بدلالته. وقد عمل به في القول المخصوص، فلا يبقى حجة في الفعل سلمنا أنه غير متواطئ، ولكنه مجمع على كونه حقيقة في القول المخصوص، ومختلف في الفعل، فكان حمله على المتفق عليه دون المختلف فيه.
أو سلمنا أنه حقيقة في الفعل، لكنه يكون مشتركا، وعند ذلك، إن قيل بأن اللفظ المشترك يمتنع حمله على جميع مدلولاته، فليس حمله على التحذير من مخالفة الامر بمعنى الفعل أولى من القول، وإن قيل بحمل اللفظ المشترك على جميع محامله، فالتحذير عن مخالفة الامر يتوقف على كون المحذر منه واجبا لاستحالة التحذير من ترك ما ليس واجبا. وعند ذلك، فالقول بالتحذير من مخالفة الفعل يستدعي وجوب ذلك الفعل، ووجوبه، إذا كان لا يعرف إلا من التحذير، كان دورا.
كيف وإنه قد تقدم في الآية ذكر دعاء الرسول بقوله: * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * (24) النور: 63) والمراد بالدعاء إنما هو القول. فكان الامر المذكور بعده عائدا إلى قوله. ثم قد أمكن عود الضمير في أمره إلى الله تعالى، إذ هو