ومن لم يكره ذلك ولكنه ضاق ذرعا بالآمدي لعجزه عن أن يصل إلى ما وصل إليه من التبحر في العلوم، وقوة عارضته وحضور بديهية في الجدل والمناظرة وحسن أسلوبه وبارع بيانه في التدريس وصناعة التأليف حسده حيث لم يؤت مثل ما أوتي في نظره كما في ذكره ابن خلكان عن بعض العلماء في سبب خروجه عن مصر مستخفيا.
ومن لم ير بأسا بدراسة المنطق وسائر علوم الفلسفة والف التأويل للنصوص وكثرة الفروض والاحتمالات دراسة ومناظرة وتأليفها رفع من شأن الآمدي وعني بالذب عنه وانهال بالملامة على من حط من قدره أو اتهمه في دينه، أو طعن في تأليفه كابن السبكي حيث عاب الذهبي في انتقاصه الآمدي.
وقصارى القول ان العلماء لهم منازع شتى ومشارب متباينة فمن اتفقت نزعاتهم تحاجوا وتناصروا واثني بعضهم على بعض خيرا، ومن اختلف أفكارهم ووجهات نظرهم تناحروا وتراموا بالنبال الا من رحم الله.
وأسعدهم بالحق من كانت نزعة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووسعه ما وسع السلف مع رعاية ما ثبت من مقاصد الشريعة باستقراء نصوصها فكلما كان العالم أرعى لذلك والزم له كان أقوم طريقا وأهدى سبيلا والمعصوم من عصمه الله وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بني آدم خطأ وخير الخطائين التوابون. وما الآمدي إلا عالم من علماء البشر يخطئ ويصيب فلننتفع بالصواب من قوله ولنرد عليه خطأه ولنستغفر الله له وليكن شأننا معه كشأننا مع غيره من علماء المسلمين وليكن شعارنا مع الجميع.
(ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم.) عبد الرزاق عفيفي