والصحيح عندنا أن الأمر بالشئ نهى عن ضده سواء كان ذا ضد واحد أو أضداد كثيرة وذلك لأنه قد ثبت عندنا وجوب الأمر وأنه على الفور فيلزمه بوروده ترك سائر أضداده فكان بمنزلة من قيل له لا تفعل أضداد هذا الفعل المأمور به في هذا الوقت مثل أن يقول لمن كان في الدار اخرج في هذا الوقت من هذه الدار فقد كره له سائر ما يضاد الخروج منها نحو القعود والقيام والاضطجاع والحركة في الجهات الست إلا ما كان منها خروجا من الدار فصار كمن نهى عن هذه الأفعال بلفظ يقتضي كراهة فعلها والنهي عن هذه الأفعال في وقت واحد نهي صحيح لو نص عليها بلفظ النهي لم يكن مستحيلا ولا ممتنعا فكذلك إذا تضمنه لفظ الأمر من الوجه الذي ذكرنا كانت هذه الأفعال محظورة يلزم المأمور اجتنابها عند ورود الأمر وأما النهي عن الشئ فإنه أمر بضده إذا لم يكن له إلا ضد واحد لأنه لا يصح منه ترك المنهي عنه واجتنابه إلا بفعل ضده إذ غير جائز أن ينفك منهما إذا لم يكن له إلا ضد واحد وأما إذا كان له أضداد كثيرة فليس النهي عنه أمرا بسائر أضداده لأن له أن ينصرف
(١٦٢)