جهة اللفظ وكل من جعل الأمر على المهلة فإنه لا يجعل الأمر بالشئ نهيا عن ضده في الحال من طريق اللفظ ولا من جهة الدلالة لأن له أن يفعل سائر أضداده ويتركه إلى الوقت الذي يتعين عليه فعل المأمور به ولا يسعه تأخيره عنه فيجب عليه حينئذ فعله وترك سائر أضداده وأما النهي عن الشئ فإنه إذا لم يكن له إلا ضد واحد فإنه أمر بضده عند من يطلق لفظ الأمر في مثله أما من جهة اللفظ أو الدلالة يجوز أن يقول له لا تتحرك فإن السكون ضد لسائر الحركات التي نهى عنها فهو مأمور بفعل السكون إذ ليس يجوز أن ينفك من سائر الحركات إلا إلى سكون ويستحيل أن يخلو من الحركة والسكون جميعا وإن كان ذا أضداد كثيرة فإن النهي عنه لا يكون أمرا بشئ من أضداده وذلك نحو أن تقول له لا تسكن فللسكون لو أضداد كثيرة وهي حركاته في الجهات الست ومن الناس يقول إن النهي عن الشئ أمر بضده وإن كان ذا أضداد كثيرة وجعل هؤلاء أفعال المكلف على ضربين واجبا أو محظورا وأسقطوا القسم المباح ويلزمهم على فود قولهم إسقاط المندوب إليه أيضا لأن كل من نهى عن شئ فكل فعل يفعله مما يضاد المنهي عنه فهو مأمور به عندهم وإذا أمر بشئ فكل فعل يضاد المأمور به فهو محظور عندهم فلا يبقى ها هنا فعل يكون واقعا على وجه الإباحة لا واجبا ولا محظورا
(١٦١)