الاجمالي الأول وإن كانت هي وجوب الفحص من كل كتاب أو باب يحتمل وجود المخصص أو المقيد فيه الا ان هذا العلم الاجمالي ينحل بالعلم الاجمالي الثاني، حيث إن المعلوم بالاجمال في ذاك العلم ليس بأزيد من المعلوم بالاجمال في هذا العلم، ومعه لا محالة ينحل العلم الاجمالي الأول بالعلم الاجمالي الثاني يعني أنه لا علم لنا بوجود مخصص أو مقيد في الخارج عن دائرة العلم الاجمالي الثاني وإن كان احتماله موجودا الا انه لا أثر له ولا يكون مانعا عن التمسك بالعموم أو الاطلاق.
ومن الطبيعي ان الفحص عن وجود المخصص أو المقيد في كل مسألة في الأبواب المناسبة لهما بمكان من الامكان ولا يلزم منه محذور العسر والحرج عادة فضلا عن عدم امكان ذلك، نظير ذلك ما إذا علمنا اجمالا بنجاسة عشرة انائات في ضمن مائة اناء ثم علمنا اجمالا بنجاسة العشرة في ضمن الخمسين، ونحتمل أن تكون العشرة في ضمن المأة بعينها هي العشرة في ضمن الخمسين.
وعلى هذا فلا محالة ينحل العلم الاجمالي الأول بالعلم الاجمالي الثاني يعني لا علم لنا بالنجاسة الخارجة عن دائرة العلم الاجمالي الثاني وهذا هو معنى الانحلال فإذا لا يجب الاجتناب إلا عن أطراف هذا العلم الاجمالي الثاني دون الزائد عنها، وقد أجبنا بمثل هذا الجواب عن هذه الشبهة التي أوردها هناك أيضا على وجوب الفحص في موارد التمسك بالأصول العملية فلا حظ.
فالنتيجة في نهاية الشوط هي ان هذه الاشكال غير وارد على هذا الوجه. نعم يرد عليه اشكال آخر هو أن المقتضى لوجوب الفحص أركان هذا العلم الاجمالي فبطبيعة الحال أنه إنما يقتضي وجوبه ما دام لم ينحل فإذا انحل العلم الاجمالي بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال لم يكن مقتض لوجوب الفحص بعده لا محالة.