فلا يمكن التمسك بها، حيث إن عمدة الدليل على حجيتها إنما هو بناء العقلاء على التمسك بها. وبما اننا لم نحرز البناء منهم بالتمسك بتلك الطائفة من العمومات قبل الفحص عن وجود القرائن على خلافها فلا يمكن الحكم بحجيتها بدونه، فإذا بطبيعة الحال كان الفحص عن وجود تلك القرائن بالإضافة إلى هذه العمومات متمما للموضوع والمقتضى للعمل بها وبدونه لا يتم، وعليه فحالها من هذه الناحية حال أصالة البراءة فكما ان الفحص في موارد التمسك بها يكون متمما للموضوع والمقتضى له فكذلك الفحص في موارد التمسك بهذه العمومات.
وأما إذا كانت العمومات ليست من تلك العمومات التي تكون في معرض التخصيص كما هو الحال في أكثر العمومات الواردة من الموالي العرفية بالإضافة إلى عبيدهم وخدمهم، أو من الموكلين بالإضافة إلى وكلائهم، أو من الامراء بالإضافة إلى المأمورين، فان هذه العمومات ليست في معرض التخصيص، ولأجل ذلك لا مانع من العمل بها قبل الفحص، حيث إنها كاشفة عن أن المراد الاستعمالي مطابق للمراد الجدي وظاهرة في ذلك، وهذا الظهور حجة ما لم تقم قرينة على الخلاف ولا يجب عليهم الفحص.
والسر في ذلك كله هو أن السيرة القطعية من العقلاء قد جرت على العمل بها قبل الفحص فالتوقف عن العمل بها قبله خلاف تلك السيرة الجارية بينهم، وهذا بخلاف تلك العمومات، فان السيرة لم تجر على العمل بها قبل الفحص عن وجود المخصصات والقرائن على الخلاف نظرا إلى أنها غير كاشفة عن مطابقة الإرادة الاستعمالية للإرادة الجدية فإذا كانت العمومات من هذا القبيل لم يجب الفحص عنها إلا فيما إذا علم اجمالا بورود مخصص عليها فعندئذ لا محالة يجب الفحص لأجل هذا العلم الاجمالي،