هذا مضافا إلى أن ما ذكره القائل بجواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ليس في الحقيقة من التمسك بالعام فيها، بل هو من التمسك بالعام في الشبهات الحكمية، حيث إن الشك إنما هو في التخصيص الزائد بالإضافة إلى الفرد المشكوك كونه من مصاديق الخاص نظرا إلى أن الخاص لا يكون حجة بالإضافة إليه، وعليه فبطبيعة الحال يكون الشك في تخصيص العام بغيره من الشك في التخصيص الزائد.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بعدة نتائج: (الأولى) ان التمسك بالعام في الشبهات المصداقية غير ممكن. (الثانية) ان ما ذكر في وجه جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ناشئ من الخلط بين التفسيرين المزبورين للحجة. (الثالثة) أنه على ضوء هذا الخلط يخرج التمسك بالعام في الموارد المشكوكة كونها من مصاديق الخاص من التمسك به في الشبهات المصداقية.
ثم إن شيخنا العلامة الأنصاري (قده) قد فصل في المقام بين ما كان المخصص لفظيا وما كان لبيا فعلى الأول لا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية دون الثاني وتبعه في ذلك المحقق صاحب الكفاية (قده) وقال: في وجهه ما إليك نصه:
وأما إذا كان (المخصص) نبيا فإن كان مما يصح أن يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب فهو كالمتصل حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام إلا في الخصوص، وان لم يكن كذلك فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه، والسر في ذلك ان الكلام الملقى من السيد حجة ليس إلا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن ارادته للعموم فلابد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه، مثلا إذا قال المولى (أكرم جيراني) وقطع بأنه لا يربد اكرام من كان عدوا له منهم كان