بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٤ - الصفحة ١٨٣
ومنه قد انقدح أن ما وضع للخطاب، مثل أدوات النداء، لو كان موضوعا للخطاب الحقيقي، لأوجب استعماله فيه تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين، كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره (1)، لكن الظاهر أن مثل أدوات النداء لم يكن موضوعا لذلك، بل
____________________
ويفهمه، فإذا كان الخطاب الحقيقي كون السامع هو المعني بالكلام ليسمع ويفهم استحال خطاب غير المشافه بالكلام، لعدم امكان ان يكون الغائب فضلا عن المعدوم معنيا بالكلام لان يسمع ويفهم، لعدم امكان ان يسمع فضلا عن أن يفهم من السماع.
ومن هذا اتضح ان الكلام في هذه الجهة الثانية يشمل الغائبين والمعدومين، بخلافه في الجهة الأولى، فقد عرفت اختصاص استحالة عدم شمول التكليف انما هو للمعدومين فقط دون الغائبين، ولذا ادرج الغائبين في هذه الجهة دون الأولى، فقال: ((لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم بل الغائب حقيقة وعدم امكانه)) وأشار إلى وجه ذلك بقوله: ((ضرورة عدم تحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة)) بان يكون معنيا بالكلام ليسمع ويفهم ((الا إذا كان موجودا)) لا معدوما ((وكان بحيث يتوجه إلى الكلام)) وهو خصوص المشافه فإنه هو الذي يمكنه ان يتوجه إلى الكلام ((ويلتفت اليه)) دون الغايب فضلا عن المعدوم.
(1) لا يخفى ان الجهة الثالثة، وهو كون الالفاظ الواقعة في تلو الخطاب هل المراد منها خصوص المشافهين أو يعم الغائبين والمعدومين؟ يتبين مما استعمل فيه أدوات الخطاب اصطلاحا كالكاف وأنتم أو مما هو بمنزلتها كأدوات النداء، فإنها لو كانت مستعملة في الخطاب الحقيقي الذي هو كون السامع معنيا بالكلام ليسمع ويفهم فلا محالة يكون المراد بالألفاظ الواقعة بعده كالذين امنوا الواقع بعد يا أيها والناس والمؤمنون هو خصوص المشافهين وتكون القضية قضية خارجية، وإذا كان الخطاب ليس مستعملا في الحقيقي، بل في غيره كان المراد بالألفاظ الواقعة بعده ما يعم
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 180 181 182 183 185 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست