الظاهر أن المراد بها أن من يقاتل الرسول ويشاقه ويتبع غير سبيل المؤمنين في مشايعته ونصرته ودفع الأعداء عنه نوله ما تولى. فكأنه لم يكتف بترك المشاقة حتى تنضم إليه متابعة سبيل المؤمنين من نصرته والذب عنه والانقياد له فيما يأمر وينهى. ثم قال: وهذا هو الظاهر السابق إلى الفهم (1).
وهو كذلك كما استظهره. أما الآيات الأخرى فقد اعترف الغزالي - كغيره - في عدم ظهورها في حجية الإجماع، فلا نطيل بذكرها ومناقشة الاستدلال بها.
وأما مسلك السنة: فهي أحاديث رواها بما يؤدي مضمون الحديث " لا تجتمع أمتي على الخطأ " (2) وقد ادعوا تواترها معنى، فاستنبطوا منها عصمة الأمة الإسلامية من الخطأ والضلالة (3) فيكون إجماعها كقول المعصوم حجة ومصدرا مستقلا لمعرفة حكم الله.
وهذه الأحاديث - على تقدير التسليم بصحتها وأنها توجب العلم لتواترها معنى - لا تنفع في تصحيح دعواهم، لأن المفهوم من اجتماع الأمة كل الأمة، لا بعضها، فلا يثبت بهذه الأحاديث عصمة البعض من الأمة، بينما أن مقصودهم (4) من الإجماع إجماع خصوص الفقهاء أو أهل الحل والعقد في عصر من العصور، بل خصوص الفقهاء المعروفين، بل خصوص المعروفين من فقهاء طائفة خاصة وهي طائفة أهل السنة، بل يكتفون باتفاق جماعة يطمئنون إليهم، كما هو الواقع في بيعة السقيفة.