2 - أن تكون الشهرة العملية قديمة، أي واقعة في عصر الأئمة أو العصر الذي يليه الذي تم فيه جمع الأخبار وتحقيقها. أما الشهرة في العصور المتأخرة فيشكل تقوية الرواية بها.
هذا من جهة الترجيح بالشهرة العملية في مقام التعارض. أما من جهة جبر الشهرة للخبر الضعيف مع قطع النظر عن وجود ما يعارضه فقد وقع نزاع للعلماء فيه. والحق أنها جابرة له إذا كانت قديمة أيضا، لأن العمل بالخبر عند المشهور من القدماء مما يوجب الوثوق بصدوره. والوثوق هو المناط في حجية الخبر، كما تقدم. وبالعكس من ذلك إعراض الأصحاب عن الخبر، فإنه يوجب وهنه وإن كان راويه ثقة وكان قوي السند، بل كلما قوي سند الخبر فأعرض عنه الأصحاب كان ذلك أكثر دلالة على وهنه.
وأما الثانية: - وهي الشهرة في الرواية - فإن اجماع المحققين قائم على الترجيح بها، وقد دلت عليه المقبولة المتقدمة، وقد جاء فيها " فإن المجمع عليه لا ريب فيه " والمقصود من " المجمع عليه " المشهور، بدليل فهم السائل ذلك، إذ عقبه بالسؤال: " فإن كان الخبران عنكما مشهورين ".
ولا معنى لأن يراد من الشهرة الإجماع.
وقد يقال: إن شهرة الرواية في عصر الأئمة يوجب كون الخبر مقطوع الصدور، وعلى الأقل يوجب كونه موثوقا بصدوره. وإذا كان كذلك فالشاذ المعارض له إما مقطوع العدم أو موثوق بعدمه، فلا تعمه أدلة حجية الخبر (1). وعليه فيخرج اقتضاء الشهرة في الرواية عن مسألة ترجيح إحدى الحجتين بل تكون لتمييز الحجة عن اللاحجة.