عنده رواية بهذا التعبير إلا تلك المرسلة التي نحن بصددها وهي بخطاب المفرد، وهذه بخطاب الجمع. وعليه فيظهر أن المرسلتين معا هما من مستنبطاته، فلا يصح الاعتماد عليهما.
إذا عرفت ما ذكرناه يظهر لك أن القول بالتخيير لا مستند له يصلح لمعارضة أخبار التوقف، ولا للخروج عن القاعدة الأولية للمتعارضين، وهي التساقط، وإن كان التخيير مذهب المشهور.
وأما أخبار التوقف: فإنها - مضافا إلى كثرتها وصحة بعضها وقوة دلالتها - لا تنافي قاعدة التساقط في الحقيقة، لأ ن الإرجاء والتوقف لا يزيد على التساقط، بل هو من لوازمه، فأخبار التوقف تكون على القاعدة.
وقيل في وجه تقديم أخبار التخيير: إن أدلة التخيير مطلقة بالنسبة إلى زمن الحضور، بينما أن أخبار التوقف مقيدة به. وصناعة الإطلاق والتقييد تقتضي رفع التعارض بينهما بحمل المطلق على المقيد. ونتيجة ذلك التخيير في زمان الغيبة، كما عليه المشهور.
أقول: إن أخبار التوقف كلها بلسان " الإرجاء إلى ملاقاة الإمام " فلا يستفاد منها تقييد الحكم بالتوقف بزمان الحضور، لأن استفادة ذلك يتوقف على أن يكون للغاية مفهوم، وقد تقدم (ج 1 ص 175) بيان المناط في استفادة مفهوم الغاية، فقلنا: إن الغاية إذا كانت قيدا للموضوع أو المحمول فقط لا دلالة لها على المفهوم، ولا تدل على المفهوم إلا إذا كان التقييد بالغاية راجعا إلى الحكم.
والغاية هنا غاية لنفس الإرجاء لا لحكمه وهو الوجوب، يعني أن المستفاد من هذه الأخبار أن نفس الإرجاء مغيى بملاقاة الإمام، لا وجوبه.