وإلا لجعلوا الموضوع شاملا لها ولغيرها مما هو غير معتبر عندهم - كالقياس والاستحسان ونحوهما - وما كان وجه لتخصيصها بالأدلة الأربعة.
وحينئذ لا مخرج لهم من الإشكال المتقدم، وهو لزوم خروج عمدة مسائل علم الأصول عنه.
وعلى هذا يتضح أن مناقشة صاحب الفصول لصاحب القوانين ليست في محلها، لأن دعواه هذه لابد من الالتزام بها بعد الالتزام بأن الموضوع خصوص الأدلة الأربعة وإن لزم عليه إشكال خروج أهم المسائل عنه.
ولو كان الموضوع هي الأدلة بما هي هي - كما ذهب إليه صاحب الفصول (1) - لما كان معنى لتخصيصه بخصوص الأربعة، ولوجب تعميمه لكل ما يصلح أن يبحث عن دليليته وإن ثبت بعد البحث أنه ليس بدليل.
والخلاصة: أنه إما أن نخصص الموضوع بالأدلة الأربعة فيجب أن نلتزم بما التزم به صاحب القوانين فتخرج مباحث هذا المقصد الثالث عن علم الأصول، وإما أن نعمم الموضوع - كما هو الصحيح - لكل ما يصلح أن يدعى أنه دليل، فلا يختص بالأربعة. وحينئذ يصح أن نلتزم بما التزم به صاحب الفصول وتدخل مباحث هذا المقصد في مسائل العلم.
فالالتزام بأن الموضوع هي الأربعة فقط ثم الالتزام بأنها بما هي هي لا يجتمعان.
وهذا أحد الشواهد على تعميم موضوع علم الأصول لغير الأدلة الأربعة، وهو الذي نريد إثباته هنا. وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ص 51 من الجزء الأول.