نفسه، أو داعيا وباعثا إلى غير عنوان متعلقه، وكلاهما محال.
وفيه: أن القاصد لامتثال الأمر المتعلق بالإطاعة لا يأتي بالفعل لأجل الأمر المتعلق بنفسه، بل يأتي به لتحقق امتثال الأمر المتعلق بها بإتيانه، وغايته سقوط الأمر المتعلق بالفعل أيضا لانتفاء موضوعه، فالإتيان بالصلاة - مثلا - كما يكون امتثالا للأمر بها، يكون أيضا امتثالا للأمر بإطاعة أمرها، ويمتثل بإيجاد نفس متعلقه المتحد مصداقا مع متعلق الفعل.
ومنها: لزوم اللغو، إذ لا معنى للأمر إلا إيجاد الداعي إلى الفعل والبعث عليه وهو حاصل بالأمر الأول، فلا فائدة في الثاني.
وفيه - بعد أن محذور اللغوية لا يثبت المدعى وهو الاستحالة العقلية الذاتية - ان الأمر الثاني يوجب تأكد الداعي، لأن من الممكن أن لا ينبعث بأمر واحد وينبعث بأمرين، وربما يوطن نفسه على معصية واحدة دون معصيتين، بل ربما لا يؤثر الأمر الأول، فيستقل الثاني بالتأثير.
ويتضح ذلك إذا اختلفت الآثار وتباينت الأغراض، فلو فرض أن الصلاة لا تجدي إلا الثواب في الآخرة، وإطاعة أمرها يوجب سعة الرزق في الدنيا، وتركها يورث الفقر، وكثير من الناس يحبون العاجلة ويذورن الآخرة، فالنفع والضرر العاجلان يحركان نحو امتثال أمرها دون أمر متعلقها.
ومنها: أن من شأن الأمر المولوي أن يكون صالحا للتأثير المستقل في انبعاث المكلف نحو الفعل، بل لا معنى للأمر إلا إيجاد الأمر بنفسه الفعل بالعناية، وقد سبق توضيحه في بحث الأوامر، والأمر بالإطاعة لا يصلح لذلك، لأن المكلف إن كان ممن يؤثر فيه الأمر، فالأمر الأول كاف فيه وهو المؤثر في إيجاد الفعل، لا الأمر بالإطاعة لسبقه رتبة، وإلا فلا يؤثر فيه الأمر بالإطاعة استقلالا.