وأما البطلان - على الثاني - فلا ينبغي الريب فيه، لأن الشيء الواحد الذي لا يحلل إلى شيئين لا يمكن أن يكون مأمورا به ومنهيا عنه، حسنا وقبيحا، مقربا ومبعدا، طاعة ومعصية، إلى غير ذلك من ضروب التضاد والتناقض.
فإذن يجب بحكم العقل إتيان المأمور به في ضمن غير الفرد المحرم، لأن الإطاعة واجب عقلا، ولا إطاعة إلا بما عرفت، وهذا حكم للعقل في مرحلة الإطاعة والامتثال.
ولو سلمنا قول الأستاذ صاحب الكفاية: «إن الصلاة صحيحة وإن لم يكن مأمورا بها».
وقول غيره: «إن دائرة المطلوب أوسع من الطلب».
وتغيير بعض السادة من مشايخنا لفظ الامتثال بالأداء، وادعاء أنها أداء لا امتثال.
وأصلحنا بهذا وأمثاله بعض تلك المفاسد، لكن لا سبيل إلى إنكار حكم العقل بوجوب الإطاعة، ولا إلى جعل العصيان طاعة.
والغريب أن كثيرا من علية الفن جعلوا البطلان بناء على المنع من باب التعارض، وتقديم جانب النهي.
قالوا: «لا بد من رفع اليد من أحد الدليلين للتعارض، والرجوع إلى المرجحات الدلالية والتعبدية» واستندوا في تقديم جانب النهي تارة إلى قوة الدلالة، لأن دلالة النهي بالعموم ودلالة الأمر بالإطلاق. (عن الإشارات) تأمل ما معناه.
أو لأن النهي ناظر إلى جهة الترخيص الثابت في الأمر، فهو حاكم على الأمر. (عن الشيخ الأكبر) تأمل أيضا.
وتارة بأن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، وببعض الروايات نحو