وعلى تقدير عدم شمول القاعدة للمقام، فلا أدري لما ذا تعين لديه قول الشيخ، مع أنه يمكن بناء عليه اختيار قول صاحب الفصول.
ويظهر لك ذلك إذا أوضحنا مراده من قوله: «لكنه عاص بالنظر إلى النهي السابق» (1) وكل ذلك هين بالنسبة إلى قوله - دام فضله - بعد ذلك:
«فتبين بهذه الأدلة امتناع دخول المقام في قاعدة الامتناع، بل هو داخل في قاعدة أخرى وهي وجوب رد مال الغير إلى صاحبه، فكما أن رد بقية المغصوبات إلى ملاكها مما ثبت وجوبه عقلا وشرعا، فكذلك يكون الخروج في المقام أيضا، لأن الخروج محقق للتخلية التي بها يتحقق الرد في غير المنقولات.
ومنه يظهر أن ترك كلي الغصب للداخل في الدار الغصبية بمقدار زمان الدخول وإن لم يكن ممكنا إلا أن فردين منه - وهما: البقاء والمشي زائدا على مقدار الدخول - لا إشكال في حرمتهما لأنهما مستلزمان للغصب الزائد.
وأما الخروج فهو واجب بحكم العقل والشرع، لكونه ردا للمال إلى مالكه، فالاضطرار إلى كلي التصرف في مال الغير الذي يكون فرد منه واجبا، وفردان منه حرامين لا يوجب دخول المقام في قاعدة الامتناع» (2).
كل طرف الفكر مني بعد ما أعطيت حقه في كلام مثله عن وجه ارتباط وجوب رد مال الغير إلى قاعدة الامتناع أولا، وإلى أصل المسألة ثانيا، وكفايته لحل جميع فروعها ثالثا، لأن صريحه أن قاعدة الامتناع لو شملت المقام تكون مغنية عن قاعدة وجوب الرد، مع أن أقصاها إثبات العقاب لحال الخروج، أو وجود الأمر مع بقاء النهي، وأين ذلك من وجود الرد؟ وأيضا شمولها للمقام إنما يكون بعد فرض وجوب الرد، ولو لا وجوبه في الجملة