بين يدي الوقاية قال العلامة الطهراني في تعريف الوقاية: «... وقاية الأذهان والألباب ولباب أصول السنة والكتاب، في أصول الفقه، كبير جدا، في غاية الحسن وبداعة الأسلوب ورشاقة البيان، والحق أنه أدخل في تأليف هذا الكتاب على علم الأصول نوعا من التجدد في التبويب والتهذيب والنمط» (1).
أقول: صنف العلامة الجد، الوقاية ما بين عشر الثلاثين إلى عشر الخمسين من القرن الرابع عشر، وطبع في ذاك الزمان أجزاء منها ببلدة أصبهان.
وللوقاية مختصات نشير إلى جملة منها، والباقي مفوض إلى القارئ الفطن.
الأول:
لما كان مصنفها أديبا كبيرا، صارت مباحث ألفاظها مشحونة بالتحقيقات والتدقيقات التي لم تجدها في كثير من الكتب الأصولية، وللمصنف فيها إبداعات ومتفردات حيث انه جعل رسالة مستقلة في مقدمات الأصول وهي: سمطا اللئال - أو - جلية الحال في مسألتي الوضع والاستعمال.
ومن متفرداته: جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
قال مخاطبا لأستاذه صاحب الكفاية: وقد ذكر هذا الأستاذ في بعض كلامه: إنه لا يمكن استعمال اللفظ في معنيين إلا إذا كان المستعمل أحول العينين، وما هذا إلا خطابة حسنة، ولكن أحسن منها أن يقال: إنه يكفي في ذلك أن لا يكون ذا عين واحدة، فإذا كان ذا عينين أمكنه استعمال العين في معنيين (1).
ولما بلغ ذلك المحقق العراقي، قال في مقالاته الأصولية: «ثم إن بعض أعاظم العصر بالغ في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، واستشهد