الطلبية كذلك، مع تصريحه في ذيل مسألة متعلق الأوامر بكون وضع الهيئة للأول من باب وضع الحروف، بخلاف وضعها للثاني فإنه من باب وضع المادة، فتكون كل من الوضع والموضوع له عاما.
وهذا كما ترى التزام بالاشتراك في الهيئة لعدم إمكان الجمع بين هاتين القضيتين بإنشاء واحد، ويلزمه كون استعمالها دائما من باب استعمال المشترك في معنييه، ولا نظن أحدا يلتزم بشيء من ذلك.
ولعله لذا عدل في ذيل مسألة المفرد المعرف باللام عن هذا المسلك، فجعل وضعها لكل من الأمرين من باب وضع الحروف، لكفاية إنشاء واحد حينئذ في وجه، غير أن دوام الاستعمال في معنيين لازم له كما لا يخفى.
وعلى كل حال فالإنصاف ومجانبة الاعتساف، يقضي بعدم دلالته بالوضع على نسبة زمانية، بحيث يكون الزمان حالا أو استقبالا جزءا أو قيدا للموضوع له، وإن كان الطلب المأخوذ في وضعه لزمه الحال على أنه ظرف لحدوثه، كما أن متعلقه وهو الحدث المدلول عليه بالمادة لزمه المستقبل، بمعنى ما بعد حال النطق مطلقا على أنه ظرف لوقوعه فيه، فلو حصل فيه الدلالة على أحدهما فإنما يحصل لمجرد هذه الملازمة الواقعية، لا لأنها مأخوذ في وضعه بعنوان الجزئية أو القيدية.
والوجه في ذلك أولا: هو التبادر، فإن قول القائل: " اضرب " مثلا لا يتبادر منه إلا مطلوبية حدث " الضرب " من دون انفهام زمان معها أصلا.
وثانيا: ما ندركه بالوجدان من الفرق الواضح بينه وبين أخويه الماضي والمضارع في لحاظ استعماله للإفادة، حيث لا نقصد منهما إلا إفادة وقوع الحدث في زمان معين ملحوظ بالخصوص من ماض أو حال، ومنه إلا إفادة مطلوبية الحدث من دون نظر إلى شيء من الأزمنة.
ومن ينكر ذلك مع كونه معلوما بالوجدان فقد كابر وجدانه.
وأما الأقوال الأخر فلا مستند لها سوى ما عليه أهل العربية محافظة على قاعدتهم المقررة في الفرق بين الاسم والفعل مطلقا، أو توهم اشتقاق الأمر من