الوضع، وأما نسبته إلى الذات مبهمة أو معينة من حيث وقوعه منها، فالذي يساعد عليه النظر عدم دخولها في مدلول الفعل باعتبار الوضع، لا من حيث مادته ولا من حيث هيئته، كما يرشد إليه ظاهر عبائر أئمة اللغة في حدوده، فإنه كالصريح في كون الهيئة باعتبار الوضع مقصورة على النسبة الزمانية ولم يؤخذ معها شيء، مضافا إلى قضاء ضرورة الوجدان بأن أول ما ينتقل إليه الذهن من ملاحظة الهيئة إنما هو نسبة الحدث إلى الزمان من حيث وقوعه فيه.
نعم لما كان وقوعه في الزمان لابد له بحسب الخارج من ذات يستند إليها بوقوعه منها، فيحصل الانتقال إلى النسبة الفاعلية في النظر الثاني بعد الملاحظة المذكورة الراجعة إلى ملاحظة الطرفين والنسبة، فيكون الدلالة عليها من باب الالتزام البين بالمعنى الأعم.
لا يقال: قيام العمل به باقتضاء الفاعلية بل المفعولية أيضا يكشف عن كون هذه النسبة مأخوذة في مدلوله، لأن هذا حكم يتبع هذه النسبة بحسب لزومها الواقعي.
ولا يتوقف على كونها معتبرة بالوضع، كما مر نظيره في المصدر.
ولقد عثرت على كلام للأزهري في التصريح مصرح بجميع ما قررناه، حيث إنه عرف اسم الفاعل بالدلالة على الحدث وحدوثه وفاعله، وجعل قيد الفاعل احترازا عن الفعل.
وعلله بقوله: والفعل إنما يدل على الحدث والزمان بالوضع لا على الفاعل وإن دل عليه بالالتزام. انتهى.
نعم إنما يحصل الدلالة الصريحة عليها بواسطة التركيب الحاصل بينه وبين فاعله، إما من جهة وضع المركب بإزائها، أو لدلالته عليه بوضع مفرداته.
وبذلك يندفع الإشكال المتقدم، إذ لا يلزم حينئذ اعتبار وضعين لمعنى واحد، ولا عدم مدخلية الفاعل في إسناد الكلام، فما عليه الجماعة من وضع الفعل للدلالة على قيام حدث بفاعل ما في زمان معين، إن أرادوا به كون هذا المفهوم