التكليف بمراد الشارع من اللفظ فيجب القطع بالإتيان بمراده، دفعه: بأن التكليف ليس متعلقا بمفهوم المراد من اللفظ ومدلوله، حتى يكون من قبيل التكليف بالمفهوم المبين المشتبه مصداقه بين أمرين حتى يجب الاحتياط فيه، وإنما هو متعلق بمصداق المراد والمدلول، لأنه الموضوع له اللفظ والمستعمل فيه، واتصافه بمفهوم المراد والمدلول بعد الوضع والاستعمال، فنفس متعلق التكليف مردد بين الأقل والأكثر، لا مصداقه. انتهى.
والجواب: إن أحدا لا يقول بتعلق التكليف بمفهوم المراد المتأخر انعقاده عن عروض الإرادة والاستعمال بالمسمى الموضوع له اللفظ ليدفع بنحو ما ذكر، بل متعلق التكليف مصداق هذا المفهوم الذي نفس الموضوع له وقد طرئه الإرادة، وهو مردد بين الهيئة الشخصية المتقومة بالأقل، والهيئة الشخصية الأخرى المتقومة بالأكثر، وهو شك في المكلف به الدائر بين الأقل والأكثر غير آئل إلى الشك في التكليف، ولذا لو قيل: بأن الأصل عدم تعلقه بالهيئة المتقومة بالأكثر، كان معارضا بأصالة عدم تعلقه بالهيئة المتقومة بالأقل.
ولا يلزم نظير ذلك على القول بالأعم، لعدم اعتبار شخص الهيئة حينئذ في متعلق التكليف من حيث عدم دخوله في المسمى الموضوع له اللفظ، بل التكليف إنما تعلق بنفس الأجزاء المعراة عن اعتبار هيئة خاصة المرددة بين الأقل أو هو مع الزيادة المحققة لعنوان الأكثر، وهذا كما ترى آئل إلى الشك في أصل تعلق التكليف بالزائد بعد تيقن تعلقه بالأقل، مرددا بين كونه نفسيا أو مقدميا، ولذا لو دفع احتمال تعلقه بالزائد بالأصل لم يكن معارضا بأصالة عدم تعلقه بالأقل.
وهذا مع ما عرفته على القول بالصحيحة من معارضة الأصل بمثله بينة واضحة على الفرق بين القولين في كيفية تعلق التكليف وحقيقة متعلقه، وأول الشك على أحدهما إلى أصل التكليف بالنسبة إلى الزيادة دون الآخر، ولا يعتبر في عدم أوله إليه تعلق التكليف بالمفهوم المبين المردد مصداقه بين أمرين، بل يكفي تعلقه بالمصداق المردد بين أمرين، كما هو لازم القول بالصحيحة.