به الواقعي هل هو الهيئة المتقومة بالأجزاء الخالية عن السورة، أو الهيئة المتقومة بالأجزاء المشتملة عليها، فليس في البين قدر متيقن يؤخذ به ويرجع في الباقي إلى الأصل، بخلافه على القول بالأعم، إذ الهيئة الاجتماعية الخاصة كما لم تؤخذ في المسمى فكذا لم تؤخذ في المكلف به، فهو مردد بين كونه نفس الأقل وهو ما لا يدخل فيه السورة أو هو مع السورة، والقدر المتيقن من مورد التكليف هو الأول وتعلقه بالسورة غير معلوم، فيدفع احتماله بالأصل.
وأما الثاني: فلأن الهيئة الخاصة الحاصلة من لحوق الشرائط مأخوذة في المسمى أيضا على القول بالصحيحة، وهو يوجب الإجمال المفهومي أيضا لجهالة هذه الهيئة بعدم معلومية تمام الشرائط الواقعية، ولازمه البناء على أصل الاشتغال أيضا لعين ما قررناه، لا كما توهمه الجماعة من جواز الأمرين حينئذ، بخلافه على القول بالأعم فإنه لعدم أخذه هذه الهيئة في المسمى أصلا في فراغ عن الإجمال بالمرة، فيؤول الشك في الشرطية حينئذ إلى الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى ماهية المسمى الملتئمة من الأجزاء المعينة لا بشرط الهيئة الاجتماعية في طرف الزيادة، فينهض ذلك الإطلاق بيانا لعدم التقييد فيما لم يساعد على شرطيته الدليل.
ومما يكشف عن صحة ما قلناه من الفرق، إنه لم يعهد من الفقهاء في أبواب العبادات التمسك بالإطلاق في الأفعال أو التروك المختلف في وجوبها فيها، بل المعهود منهم - على ما يشهد به التتبع - هو التمسك بأصل البراءة للنفي وأصل الاشتغال للإثبات، مع التمسك بالأدلة الخاصة على تقدير وجودها وعدمه على تقدير العدم.
نعم قد كثر تمسكهم به في بحث الشروط، كما وقع عن العلامة في المختلف وصاحب المدارك وغيرهما في مسألة تجويز الحرير للنساء في الصلاة بعد منع الرجال عنه، وغيرها من المسائل المتعلقة بالشروط.
وبما بيناه يندفع ما قد يتوهم: من أن تمسكهم بالإطلاق في أبواب العبادات أيضا كثير بل في غاية الكثرة، كما في مسألة الحرير للنساء في الصلاة لتمسكهم