ومما يرشد إلى صحة ذلك ما عن المحقق البهبهاني ملخصا في بيان طريق إثبات ماهية العبادات، من أن يرجع إلى اصطلاح المتشرعة، ويقال: المتبادر في اصطلاحهم هو هذا فهو مطلوب الشارع.
إلى أن قال: لكن يشكل ذلك على القول بكون ألفاظ العبادات أسامي للصحيحة الجامعة لشرائط الصحة مطلقا، وعلى القول بكونها اسما للأعم من الصحيحة، لو كان الإشكال والتشكيك في الأجزاء. وأما لو كان الإشكال في ثبوت شرط لها، فيصير مثل المعاملات في جواز الاكتفاء بما يفهم منه عرفا، وينفي الشرط المحتمل بالأصل، إلى آخره.
فإن هذه العبارة وإن أوهمت لكثير من الأنظار كون مفادها اختيار القول بالتفصيل في أصل المسألة، وقد تقدم منا احتمال آخر فيها، وهو كون المراد منها إرجاع القول بالأعم - المعروف المأخوذ في الطرف المقابل من القول بالصحيحة - إلى هذا التفصيل.
لكن الانصاف: إن أظهر محاملها كونها تفصيلا في ثمرة القولين بين الأجزاء والشرائط، مع كون المراد بالأصل الجاري في الشرائط على القول بالأعم هو الأصل اللفظي، كما يقتضيه التشبيه بالمعاملات.
ومحصله: إنه بالنسبة إلى الأجزاء ليس هنا أصل لفظي يرجع إليه على القولين معا، وكذلك بالنسبة إلى الشرائط على القول بالصحيحة.
وأما على القول بالأعم، فالأصل اللفظي وهو الإطلاق موجود.
والعجب ممن اختار القول الأول في المسألة مع مصيره في المجمل المردد بين الأقل والأكثر إلى عدم وجوب الاحتياط، مع اعترافه في غير موضع بتعين الرجوع إلى أصل الاشتغال فيما لو دار المكلف به الواقعي بين تحققه في ضمن الأقل أو عدم تحققه إلا بالأكثر، وليس هذا إلا غفلة عن حقيقة الحال في تصور المسألة حسبما بيناه.
وأعجب منه: إنه بعد ما أورد على نفسه بأن متعلق الخطاب مجمل لتنجز