أصحاب البراءة التمسك بذلك تحكيما لهذا الأصل على مقابله، ولا عن أحد من أصحاب الاشتغال التمسك بنحوه تحكيما لأصله على مقابله.
نعم من صور موضع النزاع في الأصلين كون الشبهة ناشئة عن إجمال الدليل، وهو وإن كان يناسب القول بالصحيحة، بناء على أن الاجمال أعم مما يكون في أصل الحكم أو في متعلقه المدلول عليه باللفظ المجمل، إلا أن الأصل المعمول به في تلك الصورة كغيرها ليس مقصورا عند العلماء على الاشتغال، لبناء كثير منهم فيها على أصل البراءة كما هو الأقوى، مع أن ثمرة المسألة ما يترتب عليها بلا توسيط وسط آخر، وليس إعمال الأصلين على القولين من هذا الباب، فإنهما لا ينهضان على المطلوب من نفي المدخلية أو إثباتها إلا بعد توسيط أدلتهما كما هو واضح.
وربما يذكر في المقام ثمرة أخرى، وهي ما يظهر في مقام النذر، كما لو نذر إعطاء دينار لمن يراه يصلي، فعلى القول بالأعم يبرء ذمته لو أعطى المصلي من غير تفتيش وفحص عن صحة صلاته، بخلافه على القول بالصحيحة، فلا يبرأ بالإعطاء من غير فحص.
وهاهنا ثمرة أخرى تذكر في المقام، وهو جواز الاقتداء بالعدل من دون تفتيش عن صحة صلاته على القول بالأعم، وعدمه إلا بعد التفتيش على القول الآخر، وفيهما ما لا يخفى من فساد التفريع مع إمكان المناقشة في الفرع.
أما الأول، فلأن ثمرة المسألة كائنة ما كانت عبارة عن الفائدة المقصودة من وضع المسألة وتدوينها.
ولا ريب أن ما يرجع إلى مقام النذر أو القدوة ليس مما قصد من وضع المسائل الأصولية ولا مبادئها، فإن المسألة المبحوث عنها إن كانت من المسائل الأصولية فالفائدة المقصودة من وضعها والبحث عنها ما يرجع إلى مقام الاستنباط، بكونها مأخوذة في المقدمات المأخوذة في استدلالات المسائل الفقهية لا غير، وإن كانت من مبادئها فالغرض من وضعها والبحث عنها إحراز ما