هيئآتها التي يمكن الوصول إلى حقائقها بمراجعة سائر اللغات، ومنها موادها التي تبلغ ثمانين ألف مادة على ما قيل، ويمكن القطع بأوضاع أغلبها بالاجتهادات المنوطة بمراجعة العرف، واستعلام الأمارات من التبادر وغيره، فلا يبقى مما لم يقطع بها إلا ألفاظ معدودة، قليلة بالغة نحوا من الخمسين أو أزيد.
ولا ريب أن مجرد الانسداد بالنسبة إلى هذا المقدار لا يوجب حجية الظن فيها.
وقد يقرر أيضا: بمنع ما ذكر من الانسداد، لانفتاح باب العلم في أغلب اللغات الواردة في الكتاب والسنة، لكون أكثرها ما يعلم به بملاحظة العرف ومراجعة الأمارات العرفية المفيدة للقطع، وما لا يعلم بالعرف فإنما يعلم بأقوال اللغويين في موضع تعاضد بعضها ببعض، وما لا معاضد له فإنما يؤخذ به بملاحظة قرائن المقام، فلا يبقى إلا ألفاظ قليلة، كما في خلافيات أهل اللغة التي لا يعلم فيها حال العرف.
ولا ريب أن عدم حجية الظن في هذا النحو من الألفاظ لا يستعقب محذورا لإمكان الاحتياط فيه من دون مانع عقلي ولا شرعي.
والتحقيق في الجواب أن يقال: إن قضية الانسداد دليل مصبه الأحكام، ومناطه الانسداد الأغلبي ولولا هذان الأمران لم ينهض منتجا، وحينئذ فإما أن يراد بالوجه المذكور، أن الانسداد الأغلبي المفروض في الأحكام إنما ينشأ عن الانسداد الأغلبي في اللغات والألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، باعتبار أوضاعها وظواهرها المستندة إلى تلك الأوضاع - أولية وثانوية - وحيث إن سبيل امتثال الأحكام المنسد فيها باب العلم منحصر في الظن، فتعين التعويل على الظن في اللغات، الذي لازمه قبول خبر الواحد فيها.
أو يراد به أن ما فرض في الأحكام من الانسداد الأغلبي ينشأ عن أمور منها:
ظنية سندى الكتاب والسنة مثلا في جملة منها.
ومنها: ظنية متون ألفاظهما في جملة ثانية.