على معنى كونه من باب بيان الواقع وإرشاد الجاهل إليه، لوجوب بيان الأحكام الواقعية عليهم - كما هو منصبهم - لأجل اللطف، وهو في حيز المنع، بل الردع يجب عليهم فيما يعم موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المخصوصين بالعالم بالأحكام الواقعية العاصي في عمله بترك ما علم وجوبه، أو فعل ما علم حرمته بحسب الشرع، كما نطق بوجوبه بالمعنى الأعم، قوله عز من قائل: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ (1) بناء على أن المراد بالدعاء إلى الخير إرشاد الجاهل إلى الواقع، كما فسر به، فحينئذ مجرد ورود العمومات الناهية لا يكفي في سقوط تكليفهم بالردع عن المحظور مطلقا، لبقاء التكليف به من باب النهي عن المنكر، الذي لا يغنى عنه أدلة الواقع ولا بيان الحكم الواقعي، فعدمه في محل البحث - على فرض تسليمه - ينهض دليلا على انتفاء المنكرية، لامتناع ترك الواجب على المعصوم (عليه السلام)، فالوجه في منع الاستدلال ما ذكرناه، فاغتنم به.
ومنها: قضية الانسداد، بتقريب: ثبوت التكليف بالأحكام المبتنية على معرفة اللغات، فلو كنا كلفنا فيها بالعلم بتلك اللغات لزم التكليف بما لا يطاق، لانسداد باب العلم بها غالبا، فتعين التعويل على الظن.
وممن اعتمد على هذا الوجه بعض الأجلة في شرح الوافية (2) قائلا - في طي ذكر الأدلة على الحجية -: وأيضا فإن الحاجة ماسة إلى قبول خبر الواحد في اللغة، لتوقف الأحكام عليها وانسداد باب العلم بكثير منها، ومع ذلك فلو كان العلم باللغة مكلفا به، لزم تكليف ما لا يطاق، أو سقوط التكاليف المبتنية على ما يتعذر منه العلم على كثرتها، وحيث إن التكليف باق مع انتفاء العلم، فالحجة هو الظن قطعا. انتهى كلامه رفع مقامه.
ودفع: بأن مناط حكم العقل بحجية الظن إنما هو الانسداد الأغلبي، الذي هو في المقام واضح الانتفاء، لانفتاح باب العلم بأغلب اللغات، فإن جملة منها