طريان العرف الثانوي اتحاد عرفي المتكلم والمخاطب حين المخاطبة، فيبقى البحث في المسألة بلا موضوع في الخارج، إلا أن تخصص بصورة الغفلة عن عرف البلد على معنى عدم معرفة عرفه المغاير بالفرض، أو عدم الالتفات إليه حال المخاطبة بعد معرفته في المتكلم أو المخاطب أو فيهما جميعا، فيكون الترجيح كما تقدم في صورة جهل المتكلم أو المخاطب أو جهلهما معا.
وفيه: مع بعده ما عرفت من عدم التعارض في الحقيقة مع الجهل.
نعم إن خصصت بصورة اشتباه بلد التخاطب، ليشتبه من جهته العرف الطاري لأحدهما أو كليهما الذي عليه مدار الإفادة والاستفادة في محل التعارض، لم يكن بذلك البعيد وإن كان لا يخلو عن بعد أيضا.
وحينئذ فالمتجه هو الوقف مطلقا، لصيرورة اللفظ مجملا، لاشتباه المعنى المراد منه الذي عليه مبنى المخاطبة به في لحاظ المتكلم والمخاطب، وليس في مجاري العادات ما يصلح مناطا للترجيح، فلابد من مراجعة القرائن الخارجية الجزئية أو الأخذ بالأصول العملية.
هذا كله فيما اتحد المخاطب أو تعدد مع اتحاد عرف الجميع، وغاير عرفه عرف المتكلم.
فأما إذا تعدد المخاطبون وتعدد عرفهم أيضا على حسب تعددهم، بأن يكون لكل اصطلاح في اللفظ مغاير لعرف الآخرين مع عرف المتكلم، ففي حمله حينئذ على الجميع - بأن يحمله كل مخاطب على مصطلحه خاصة - أو على مصطلح المتكلم خاصة، أو تعين الوقف وجوه، صار إلى أولهما العلامة في التهذيب (1) وتبعه السيد في المنية (2) استنادا إلى أنه لولاه لزم الخطاب بما له ظاهر من غير إرادة ظاهره مع تجرده عن القرينة، وهو باطل.