وقضية حكم العقل هنا كبروية، والاحتمال المذكور قائم في صغرى هذه القضية ولا يمنع عن حكم العقل فيها، لأن القضايا العقلية إذا كانت كبروية إنما تصدر من العقل على تقدير تحقق الصغرى.
فغاية ما هنالك إن صغرى الإغراء بالجهل تحرز بالظن والظهور، وظاهر إن ظنية الصغرى لا توجب ظنية الكبرى.
نعم إنما توجب ظنية النتيجة، وهو لا يقدح في ترجيح عرف المخاطب، لأن مرجع البحث في الترجيح في نظائر المسألة إلى إحراز دلالة الخطاب، ولا خفاء أن دلالات الخطاب تحرز في الغالب بالظنون والظواهر.
ولا ينافيه ما تقدم من أصالة عدم حجية الظن في اللغات، لأنه إنما هو في تشخيص الظواهر وإثبات الأوضاع لا في إحراز الدلالات وتشخيص المرادات، فإن الطريق الغالب في ذلك إنما هو الظنون والظواهر.
وإن كان مع علمه بعرف المخاطب شاكا في حاله، فقضية لزوم التخلص عن الإغراء بالجهل أيضا هو ترجيح عرف المخاطب، والحكم على المتكلم باتباعه مصطلح مخاطبه.
فإن قضية ذلك إذا كان الحكيم في مقام البيان أن يؤدى المطلب بما يوجب حصول البيان على وجه يطمئن بحصوله، وإنما يتأتى ذلك إذا أراد مصطلح المخاطب، لأنه المعهود لديه الحاضر في ذهنه، أو بأن ينبهه على اتباعه لمصطلح نفسه، وحيث سكت عن التنبيه كشف عن اتباعه لمصطلح مخاطبه، لأنه المحصل للبيان على الوجه المذكور.
وإن كان غير ملتفت إلى حاله أو معتقدا لخلاف حاله فهما في الحكم يلحقان بما بقي من الصور الأربع، وهو ما لو كان كل من المتكلم والمخاطب عارفا باصطلاح صاحبه.
وهذه الصورة باعتبار علم كل منهما بحال الآخر أو جهله بحاله - إما بمعنى عدم التفاته أو شكه أو اعتقاده بالخلاف - تنحل إلى صور كثيرة، ينبغي أن يخرج منها ما لو اعتقد المتكلم جهل المخاطب بعرفه أو شك في جهله ومعرفته، لتعين