وحكى الاستدلال عليه أيضا: بأنه لولا إرادة الجميع فإما أن يراد المجموع من حيث المجموع، أو البعض المبهم، أو المعين، أو معنى آخر خارج عنها، ولا سبيل إلى شيء من ذلك.
أما الأول: فلاستلزامه الإغراء بالجهل، إذ كل مخاطب لا يعهد إلا مصطلحه، أو أنه ظاهر اللفظ في نظره فإرادة غيره إرادة لخلاف الظاهر، وهو قبيح.
وأما الثاني: فلقبح الخطاب بالمبهم.
وأما الثالث: فللزوم الإغراء بالجهل إن اختص التعيين بالمتكلم، وامتناع إرادة ما لا يعرفه المتكلم إن اختص التعيين بالمخاطب، وقبح الترجيح بلا مرجح إن عمهما معا، وتوهم كون المرجح إرادة المتكلم وقصده، يدفعه: لزوم الترجح بلا مرجح.
وأما الرابع: فلاستلزامه الإغراء بالجهل أيضا، لعدم معرفة المخاطبين غير مصطلحهم، هذا مع كونه ترجيحا للمرجوح، إذ الخارج المغاير لمعاني اللفظ مرجوح بالإضافة إليها، فتعين إرادة كل واحد على البدل.
وفيه: مع خروجه عن طريقة العرف والعادة، وابتنائه على جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى، واستلزامه تعدد أحكامه تعالى في واقعة واحدة، ومنافاته للاشتراك في التكليف، إن الالتزام بإرادة الجميع ليكون كل مكلفا بما فهمه بحسب الواقع ليس بأولى من الالتزام بإرادة ما وافق مصطلح المتكلم فقط مثلا، مع تقرير كل مخاطب على ما فهمه من باب الحكم الظاهري، فلا يضاف إناطة الأمر بنظر العقل أو العرف أو القرائن الخاصة إن وجد شيء من ذلك، وإلا فالوقف.
ولك أن تقول: بإجراء الصور المتقدمة ليتعين في بعضها تقديم عرف المتكلم وفي الآخر مراعاة حال المخاطبين، وبالجملة، المسألة محل إشكال.
* * *