تقديم عرف المخاطب فيهما، والحكم على المتكلم بالجري على مصطلح مخاطبه، لئلا يلزم الإغراء بحسب اعتقاده، أو يحصل البيان على الوجه المتقدم على حسب شكه، وإن كان أمكن كون ما فهمه المخاطب في الواقع هو مصطلح المتكلم.
وأما البواقي وما ألحق بها فالذي يقتضيه التدبر وإمعان النظر في مجاري عادات الناس تقديم عرف المتكلم، لأن المعلوم من عادة المتكلمين في غالب محاوراتهم هو الجري على مصطلحهم لا مصطلح الغير، على معنى إن الغالب في كلام المتكلمين هو ذلك، وظاهر إن المشتبه يلحق بالغالب.
وتوهم انتفاء شرط قاعدة الإلحاق هنا، وهو كون مورد الشك متحد الصنف مع مورد الغالب، ومورد الشك هنا من جملة ما اختلف فيه العرفان، والغلبة المدعاة إنما ثبتت فيما اتحد العرفان، فلا يلحق بها ما هو من أفراد الصنف، وثبوت الغلبة في أفراد الصنف محل منع.
يدفعه: أن المعتبر في قاعدة الإلحاق إنما هو اتحاد العنوان جنسا كان أو نوعا أو صنفا لا خصوص اتحاد الصنف، فمناط الإلحاق هو الغلبة - صنفية كانت أو نوعية أو جنسية - ما لم يزاحمها في النوع غلبة صنفية ولا في الجنس غلبة نوعية أو صنفية، والغلبة المدعاة وإن كانت نوعية غير أنها مع عدم مزاحمة الغلبة الصنفية متبعة، لإفادتها الظن باللحوق في موضع عدم المزاحمة، وهي في أفراد الصنف غير ثابتة في جانب تقديم عرف المخاطب، إن لم نقل بثبوتها في جانب تقديم عرف المتكلم.
لا يقال: إن قاعدة تقديم عرف المتكلم حسبما قررته يكذبها صحيحة محمد ابن مسلم (1) ومرسلة ابن أبي عمير (2) الواردتين عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تحديد