ذلك بأن كان الدليل عليه إطلاق النص، أو كان العلم به حاصلا قبل الظن المفروض. وإن كان الدليل عليه حينئذ هو الاجماع فلا بد حينئذ من العلم أو الظن الخاص، نظرا إلى ثبوت اشتغال ذمته بالعمل المفروض، فلا بد من العلم بتفريغه الحاصل بأحد الوجهين المذكورين.
ويضعفه: أن مقارنة الظن للعلم لا ينافي الاجماع القائم على اشتغال ذمته بالعمل المفروض، فإنه قاض بالعلم باشتغال ذمته بالعمل المفروض كما هو الحال في صورة تقدم علمه بذلك، فالمقصود الحكم بسقوط ذلك التكليف عنه بالظن المفروض، ولا يتم ذلك إلا بعد قيام الدليل عليه، ومجرد الشك في اشتغال ذمته فعلا بالفعل المذكور لا يدرجه في مسألة الشك بأصل الاشتغال ليدفع بأصل البراءة، للقطع بوجوب ذلك الفعل على سبيل الكفاية، وإنما الشك في المقام من جهة الشك في حصول المسقط.
فإن قلت: إذا وقع الشك في كون الظن مسقطا فقد وقع الشك في تعلق التكليف بالفعل، ولا إجماع في المقام على وجوب ذلك على المكلف حينئذ حتى لا يصح دفعه بالأصل، غاية الأمر القطع بحصول المقتضي في الجملة، ولا يثبت به التكليف مع احتمال عروض المانع إلا أن يكون هناك إطلاق قاض بثبوت الحكم مع حصوله، فيدفع المانع بالأصل عملا بإطلاق الدليل. وأما إذا كان المستند هو الاجماع فلا وجه للاستناد إليه مع الشك المفروض، لأصالة عدم تعلق التكليف به.
والحاصل: أنه لا فرق حينئذ في رفع التكليف بالأصل بين ما إذا حصل الشك في حصول المقتضي أو وجود الشرط أو علم بهما وشك في حصول المانع، لعدم العلم بتعلق التكليف به في الصورتين.
فالقول بأن قضية الأصل حينئذ عدم حصول المانع فيعمل المقتضي عمله مدفوع: بأنه على فرض تسليم جريان الأصل فيه لا يثبت به تعلق التكليف بالمكلف، فإن الأصل أيضا عدم التكليف، ومجرد وجود المقتضي المحتمل مقارنته للمانع لا يثبته إلا أن يكون هناك إطلاق لفظي يقضي بثبوت الحكم مع