وقد يوجه بأن المقصود من الحد أنه لا يعتبر فيه أن يلزم من عدمه الوجود وإن اتفق لزوم ذلك في بعض الموارد، وهو تكلف بعيد عن العبارة جدا. والبناء على ذلك في حد المانع يقضي بالبناء عليه في حد الشرط أيضا، وهو مما يقطع بفساده وإلا لزم أن يكون الشرط أعم من السبب وهو بين الفساد.
خامسها: لا إشكال في إطلاق الواجبات بالنسبة إلى أسبابها، إذ لا يعقل الأمر بالشئ بعد كونه واجب الحصول، فإنه نظير الأمر بتحصيل الحاصل.
وأما بالنسبة إلى الشرائط ونحوها فالذي نص عليه غير واحد من المتأخرين أن الأصل في الواجب الإطلاق إلى أن يثبت التقييد. وظاهر كلام السيد (رحمه الله) لزوم التوقف إلى أن يظهر الإطلاق أو التقييد، فعلى هذا إذا لم يثبت أحد الأمرين أخذ بأصالة عدم الوجوب مع انتفاء الشرط.
والذي يقتضيه التحقيق في المقام أن يقال: إن وجوب الشئ إما أن يثبت بالأدلة اللفظية أو غيرها من الاجماع أو العقل، وعلى الأول فإما أن يكون ما تعلق الطلب به مطلقا أو مجملا، فهذه وجوه ثلاثة:
أحدها: أن يكون الوجوب ثابتا من غير الدليل اللفظي، وحينئذ فإذا دار الأمر فيه بين أن يكون مطلقا أو مشروطا فالظاهر التوقف بين الأمرين في مقام الاجتهاد والحكم بإلزام القيد وانتفاء الوجوب مع انتفاء القيد المفروض في مقام الفقاهة.
أما الأول فلأن القدر الثابت من الاجماع أو العقل هو القدر الجامع المشترك بين الأمرين ولا دلالة للعام على خصوص شئ من قسميه فلا بد في التعيين من قيام دليل آخر عليه.
والقول بأن الواجب المشروط قبل حصول شرطه ليس من أنواع الواجب على الحقيقة فالدليل الدال على الوجوب من الاجماع أو العقل لا يحتمل الانصراف إليه بين الاندفاع، لوضوح أن الحكم بوجوب شئ على فرض حصول بعض مقدماته ليس حكما بوجوب ما ليس بواجب حتى يقال: بعدم انصراف