متأخرة، لكون وجودها أخيرا ولو على وجه محرم، كافيا في وجوب ذلك الفعل أولا وقد يجعل من ذلك اعتبار تبقية النصاب إلى انقضاء الشهر الثاني عشر في وجوب الزكاة عند دخوله بناءا على اعتبار بقاء النصاب طول الشهر في الوجوب، كما ذهب إليه جماعة فلو فرضنا حينئذ حرمة تبقية النصاب كما إذا كان له غريم يطالبه بحقه وكان الوفاء منحصرا بدفعه لم يمنع ذلك من وجوب الزكاة عليه وصحة دفعه إذا لم يكن ما يدفعه في الزكاة منافيا لأداء حق الغريم، بل ولو كان منافيا أيضا في وجه.
ويتفرع على ما قررناه أن ترك الواجب المضيق إذا كان من مقدمات أداء الموسع لم يمنع تحريمه من صحة ما يتوقف عليه من فعل الموسع ليكون قاضيا بسقوط الأمر المتعلق به القاضي بفساد فعله، وسيجئ تفصيل القول فيه إن شاء الله في المسألة الآتية.
رابعها: أنه قد يتخيل أن الواجب من المقدمة هو ما يحصل به التوصل إلى الواجب دون غيره، فإذا أوجب الشارع علينا الحج كان قطع المسافة الموصلة إلى الحج واجبا علينا لا مطلقا، فلو قطع المسافة إلى مكة المشرفة وترك الحج لم يكن آتيا بالمقدمة الواجبة، وكذا لو أتى بالوضوء وترك الإتيان بالصلاة، ومن ذلك ما إذا كان له صارف عن أداء الواجب، فإنه يخرج بذلك سائر ما يأتي به من مقدمات الفعل عن الوجوب، فلا مانع حينئذ من تركها حيث إنه لا إيصال لشئ منها إلى الواجب وإن كان المكلف تاركا للمقدمة الواجبة أيضا - أعني خصوص الموصلة إلى الواجب - إلا أن ما يقدم على تركه من الشرائط أو فعله من الموانع وأضداد الوجوب ليس تركا للواجب ولا إقداما على الحرام مع وجود الصارف عن الواجب وعدم إيصال شئ منها إلى فعله على فرض الإتيان بها أو تركها.
وقد يستفاد ذلك من المصنف في ذيل المسألة الآتية حيث قال: إن حجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها إنما ينهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها كما لا يخفى على من أعطاها حق