بخلاف الصورة الثانية. والفرق بينهما: أن رفع التمكن من أداء الواجب بعد اشتغال الذمة به محظور في الشريعة، فلا يجوز حينئذ للمكلف أن يرفع مكنته من أداء ما كلف به، كما هو معلوم من ملاحظة العقل والنقل، فلا يصح الإتيان بالفعل الرافع لها من جهة النهي المذكور، بخلاف غيره.
وفيه: أن رفع التمكن من الواجب إنما يكون محظورا من حيث أدائه إلى ترك المطلوب، فإذا كان الصارف عن أداء الواجب موجودا قطعا بحيث لا يستريب المكلف في تركه له فأي ثمرة في بقاء المكنة منه؟ فيكون منعه من الإتيان بالفعل الرافع للمكنة إنما هو من جهة أدائه إلى ترك الواجب، فالنهي المتعلق به غيري أيضا، وهو غير قاض بالفساد في المقام حسب ما قررنا، لوضوح أن مقصود الشارع من ترك الفعل المفروض هو التمكن من فعل الواجب فيأتي به.
وأما إذا قطع بعصيانه وإخلاء ذلك الوقت عن الفعل المفروض فلا مانع من تعلق أمر الشارع به، فيكون مأمورا بإيجاده ذلك على فرض عصيانه للأمر الأول، فيكون ترك ذلك شرطا في وجوبه على حسب ما بينا، والنهي المتعلق به من جهة كونه سببا لارتفاع التمكن من الآخر ليس بأقوى من النهي المتعلق به، لكون تركه مقدمة لأداء الواجب، فكما أن ذلك النهي لا يقضي بفساده - حسب ما بينا - فكذا النهي المتعلق به من جهة أدائه إلى ارتفاع التمكن من أداء الواجب، لكونه نهيا غيريا على نحو النهي الآخر، فاجتماع النهيين المذكورين في الصورة المفروضة على فرض تحققه لا ينافي وجوب ذلك الفعل على الوجه الذي قررناه. ولنتمم الكلام في المرام برسم أمور:
أحدها: أنه ذكر شيخنا البهائي (قدس سره): أنه لو أبدل عنوان المسألة بأن " الأمر بالشئ يقتضي عدم الأمر بضده فيبطل " لكان أقرب، والوجه فيه سهولة الأمر حينئذ في مأخذ المسألة، لظهور عدم جواز الأمر بالضدين في آن واحد وترتب الثمرة المطلوبة من تلك المسألة عليه، إذ المتفرع على القول بدلالة الأمر بالشئ على النهي عن ضده فساد العبادة الموسعة الواقعة في زمان الواجب المضيق، وهو