معالم الدين:
أصل الأقرب عندي: أن نسخ مدلول الأمر - وهو الوجوب - لا يبقى معه الدلالة على الجواز، بل يرجع إلى الحكم الذي كان قبل الأمر. وبه قال العلامة في النهاية، وبعض المحققين من العامة. وقال أكثرهم بالبقاء، وهو مختاره في التهذيب.
لنا: أن الأمر إنما يدل على الجواز بالمعنى الأعم - أعني الإذن في الفعل فقط - وهو قدر مشترك بين الوجوب، والندب، والإباحة، والكراهة. فلا يتقوم إلا بما فيها من القيود، ولا يدخل بدون ضم شئ منها إليه في الوجود، فادعاء بقائه بنفسه بعد نسخ الوجوب غير معقول.
والقول بانضمام الإذن في الترك إليه باعتبار لزومه لرفع المنع الذي اقتضاه النسخ، موقوف على كون النسخ متعلقا بالمنع من الترك الذي هو جزء مفهوم الوجوب، دون المجموع. وذلك غير معلوم، إذ النزاع في النسخ الواقع بلفظ: " نسخت الوجوب " ونحوه. وهو كما يحتمل التعلق بالجزء الذي هو المنع من الترك، لكون رفعه كافيا في رفع مفهوم الكل، كذلك يحتمل التعلق بالمجموع، وبالجزء الآخر الذي هو رفع الحرج عن الفعل، كما ذكره البعض، وإن كان قليل الجدوى، لكونه في