فبينوا ذلك عند بيان الأقوال في تلك المسألة من غير أن يعقدوا لذلك بحثا، بل إنما ذكروه في عداد الأقوال الحاصلة في الخلاف في الاقتضاء وعدمه. هذا.
والظاهر أن مراد من قال بنفي الدلالة في المقام هو ما قدمنا الإشارة إليه من أنه ليس في المقام سوى إيجاب الفعل من غير حصول تكليف وحكم آخر وراء ذلك، لا أن القائل المذكور يقول: بجواز ترك الواجب حتى يقال: بخروج الواجب إذا عن كونه واجبا، وسيأتي تفصيل القول فيه إن شاء الله.
قوله: * (عين النهي عن ضده في المعنى) *.
كأنه أراد بذلك أنه عينه بملاحظة ما يتحصل منه في الخارج فإن الأمر الحاصل من إنشاء الأمر بحسب الخارج هو الحاصل من إنشاء النهي عن ضده وإن اختلفا في الصيغة، بل وفي المفهوم الحاصل منهما، في الذهن، ضرورة أن المفهوم الحاصل في الذهن من " افعل " غير ما يحصل من النهي عن تركه غير أن المتحصل منهما في الخارج أمر واحد ألا ترى أنك لو قلت: " افعل هذا الشئ " مثلا أو " لا تتركه " كان مؤداهما أمرا واحدا وإن اختلفا بحسب المفهوم المنساق من اللفظ فإن هذا القدر من الاختلاف ضروري لا يكاد ينكره عاقل.
قوله: * (لو دل لكانت واحدة من الثلاث) *.
ملخصه حصر الدلالات اللفظية بحسب الاستقراء في الثلاث وقيام الضرورة بانتفاء الجميع في المقام بعد ملاحظة مفاد الأمر بالشئ والنهي عن ضده وما ذكره واضح، فدعوى الدلالة اللفظية في المقام لو ثبت القول به - حسب ما يدعيه المصنف - فاسدة جدا.
قوله: * (أما المطابقة فلأن مفاد الأمر... الخ) *.
يفيد ذلك كون الوجوب معنى مطابقيا للأمر وليس كذلك، إذ لا ينحصر مدلوله في إفادة مجرد الوجوب، والظاهر أن مقصوده كونه معنى مطابقيا للهيئة إن قيل بتعلق وضع لها بخصوصها أو نزل الوضع المتعلق بتلك الكلمة منزلة وضعين حسب ما مر بيانه.