تعلق أمره أيضا بصوم الليل إلى الفجر - مثلا - بطلب مستقل، فإن مرجع الأمرين حينئذ إلى طلب كل من الصومين المحدودين بالغاية المذكورة.
وهذا كما ترى لا يستدعي خروجا عما يقتضيه ظاهر الأمر وظاهر الغاية، وإنما المفهوم من ذلك انقطاع الصوم المأمور به بذلك الخطاب ببلوغ الغاية، والجواب عنه مع رجوعه إلى النفي المطلق ظاهر مما مر. ويشهد به: أن هذا الكلام ربما يأتي في مفهوم الاستثناء وشبهه أيضا، فإن قول القائل: " صم إلى الليل " إنما يقتضي تعلق طلبه بصيام ما عدا الليل، فلا ينافي تعلق أمره بصيام الليل بطلب مستقل أيضا، وهو واضح الفساد، كما اعترف به المفصل، فكذا في المقام وإنما يتبع المفهوم إطلاق المنطوق وتقييده بحسب قرائن المقام، فيدل على نفيه كائنا ما كان، فإن أريد به الخصوصية ولو بحسب القرائن الحالية أو العادية أو غلبة الاستعمالات الجارية كان مفهومه انتفاء تلك الخصوصية فيما بعد الغاية، وفي المستثنى في المثال المذكور، فلا يدل على انتفاء مطلقه، بخلاف ما إذا ثبت تقييد المطلق بأحد القيدين. ويأتي الكلام في مفهوم الشرط أيضا كما مر توضيح القول فيه.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: أن الدلالة على ما ذكرناه التزامية، والمدلول من المفهوم دون المنطوق، لرجوعه إلى نفي الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور.
وحكي عن أبي الحسين البصري: أنه من المنطوق، وعن بعض العلماء: أن اللفظ صريح فيه، قيل: فهو عنده مطابقة، وهو ممنوع، إنما يريد صراحة اللفظ الموضوع للانتهاء في انتفاء الحكم عما بعده، لكونه لازما بينا له من غير أن يكون ذلك نفس الموضوع له أو جزءه، للقطع بأن موضوع هذا الحكم غير مندرج في مدلول اللفظ، وكذا حكمه، إذ ليس في الكلام لفظ موضوع لمعنى النفي حتى يكون دلالته عليه بالمطابقة، وكذا لو كان الحكم المغيا نفيا فليس في اللفظ ما يفيد بمدلوله المطابقي معنى الإثبات، وهو ظاهر.