[مفهوم المقدار والمسافة] ومنها: مفهوم المقدار والمسافة، فإذا علق الحكم على مقدار معين بحسب الكيل أو الوزن أو المساحة أو غيرها فهل يدل على انتفائه فيما دونها أو ما فوقها؟
الظاهر جريان الحكم السابق في العدد فيه أيضا فإنه أيضا من الكم، وإنما الفرق بينهما: أن ذلك كم منفصل، وهذا كم متصل فلا فرق بينهما، فإن ظهر من الكلام أو من قرائن المقام إناطة الحكم به دل على انتفائه بانتفائه، لكن الإطلاق يقتضي شموله للزائد هنا أيضا، كتعليق الاعتصام على الكر، والسفر على المسافة المعينة، وغير ذلك، إلا إذا قام هناك شاهد أو قرينة على تقييده بشرط لا فيدل على نفي الحكم عن المقدار الزائد مطلقا، كالزيادة في الصلاة والطواف وغيرهما، ويجري الحكم في مطلق المركبات. فالغرض أن تعليق الحكم عليها وإن دل على انتفاء ذلك الحكم المخصوص بانتفاء شئ من أجزائها لكنه لا يدل على انتفاء مطلق الحكم بذلك إلا لشاهد آخر حسب ما مر بيانه.
[مفهوم الزمان والمكان] ومنها: مفهوم الزمان والمكان، فإذا قيد الحكم أو النسبة في الإنشاءات والإخبار بأحدهما فهل يدل على انتفائه في غيرهما؟ يختلف الحال في ذلك أيضا باختلاف المقامات، ففي مثل تقييد الصلاة والصيام بأوقاتها، والحج بشهورها وأيامها وأمكنتها، والفطرة بوقتها إلى غير ذلك يدل على الانتفاء في غيرها، وبه يقيد مطلقاتها، بخلاف ما لم يظهر فيه الإناطة وأمكن وروده لخصوصيات خارجية، وكذلك الحال في سائر القيود الواقعة في الكلام من تمييز أو حال أو غيرهما، كما مرت الإشارة إليه.
والحاصل: أن الدلالة في أمثال هذه المفاهيم ليست وضعية، وإنما تتبع ظهور الفائدة كما مر بيانه في مفهوم الوصف، فلا يلزم التجوز عند التصريح بخلافها، بخلاف سائر المفاهيم المستندة إلى الوضع، كالشرط والغاية والحصر.