ذكر من المثال فليس من المسألة، إنما هو من باب التعريض بالمخاطب، وإلا لكانت العبارة المذكورة على الوجه المذكور قذفا لكل أحد، وهو ضروري الفساد، على أن الغرض إنما هو عدم دلالة اللقب من حيث هو على ما ذكر، وإلا فيمكن استفادة المعنى المذكور من بعض خصوصيات المقام، كما لو قال في جواب من سأله: أجاءك زيد أو عمرو؟ زيد جاءني، أو أوصى بعين لزيد ثم أوصى بها لعمرو، أو أوصى إلى جماعة، أو وكلهم ثم خصص واحدا بالإذن على وجه يفهم منه الرجوع إلى غير ذلك.
مفهوم العلة ومنها: مفهوم العلة، فكل ما دل على العلية من اسم أو حرف أو غيرهما كلفظ " العلة " و " السبب " أو " لام التعليل " أو التعليق على الوصف في بعض المقامات أو غير ذلك يدل على ثبوت الحكم في غير الموضوع المذكور عند ثبوت العلة فيه وانتفائه عنه عند انتفائه، لدوران الحكم مدار علته وجودا وعدما. وعن الغزالي إنكار دلالته على انتفاء الحكم بانتفائه، وقد يعلل بوجهين:
أحدهما: أنه قد تقرر في محله أن علل الشرع معرفات للأحكام، علامات عليها، وليست مؤثرة في حصولها. أما عند الأشاعرة فلكون الخطاب عندهم قديما فلا معنى لاستناده إلى علة حادثة، ولامتناع كون أفعاله تعالى معللة بالأغراض، ومنها الأحكام فلا تكون مستندة إلى العلة، فتعين حمل ما يدل على العلية على تعريف الحكم الشرعي.
وأما عندنا فلأن الفعل الاختياري إنما يستند إلى الإرادة، فلا يكون غيرها علة في صدوره عن الفاعل المختار، ونقل الكلام في علة الإرادة مدفوع بما تقرر في محله.
وحينئذ فنقول: إن انتفاء المعرف للحكم الشرعي لا يستلزم انتفاءه في الواقع، إذ لا يلزم من عدم معرفة الحكم معرفة عدمه، فلا يلزم من انتفاء العلة الشرعية انتفاء معلولها.