قوله: * (إذا تمهد هذا فاعلم... الخ) *.
هذا راجع إلى الكلام على أصل الاستدلال بعد تمهيد المقدمة المذكورة، أعني بيان الحال في جواز اختلاف حكم المتلازمين وعدمه في أقسامه الثلاثة.
قوله: * (لما هو بين من أن العلة في الترك... الخ) *.
يمكن أن يقال: إنه قد يكون مجرد وجود الصارف وعدم الداعي إلى الفعل كافيا في ترك المأمور به من دون حاجة إلى حصول ضد من أضداده، وقد لا يكون ذلك كافيا ما لم يحصل الضد، كما إذا نذر البقاء على الطهارة في مدة معينة يمكن البقاء عليها، فإنه إذا تطهر لم يمكن رفعها إلا بإيجاد ضدها، ومجرد انتفاء الداعي إلى البقاء عليها لا يكفي في انتفائها، فيتوقف رفعها إذن على وجود الضد الخاص، فيكون وجود ذلك الضد هو السبب لترك المأمور به وإن كان مسبوقا بالإرادة. وهكذا الحال في الصوم بعد انعقاده إن قلنا بعدم فساده بارتفاع نية الصوم، ولا يقضي ذلك حينئذ بورود الدور، نظرا إلى توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر، لما عرفت من اختلاف الحال في الأضداد كما مرت الإشارة إليه.
قوله: * (إلا على سبيل الالجاء) *.
نظرا إلى أنه مع انتفاء الصارف من قبله يكون مريدا له بالإرادة الجازمة الباعثة على الفعل، فلا محالة يقع منه الفعل لولا حصول مانع من الخارج يمنعه من الجري على مقتضى إرادته، وهو ما ذكره من الإلجاء، فيسقط معه التكليف بالواجب وينتفي الأمر، وهو خروج عن محل البحث، ومع ذلك فلا يكون الباعث على ترك الحرام حينئذ فعل الضد المفروض، إذ الإلجاء على فعل الضد كما يكون سببا لحصول الضد كذلك يكون سببا لترك الآخر، لما عرفت من عدم كون الضد شرطا في وجود ضده فيتقدم عليه رتبة، فإن لم يكن منتفيا كان الباعث على وجود أحدهما قاضيا بعدم الآخر، حسبما مرت الإشارة إليه، فلا وجه لعدم وجود الضد حينئذ سببا لانتفاء الآخر، كما قد يتراءى من ظاهر كلامه. ويمكن أن ينزل كلامه على بيان الفساد في الوجه المذكور في الجملة، فلا ينافي فساده من جهة أخرى.