ويشكل الحال في المقام: بأن ذلك إن تم فإنما يتم في الواجبات العينية، وأما في المقام فلا يصح ذلك، إذ المفروض كون الوجوب هنا على الجميع بدلا، فكيف يصح القول باتصاف الكل بالوجوب معا؟
ويدفعه: أن مفاد الوجوب عليهم بدلا هو أداء الواجب بفعل أي منهم حسب ما مر بيانه، لا تعلق الوجوب بالواحد على وجه ينافي حصول الواجب من المتعدد، وذلك يقضي بسقوطه عن الباقين بعد فعل الواحد. وأما إذا اقترنت أفعالهم فالكل متصف بالوجوب لأداء كل منهم ما وجب عليه قبل سقوط الواجب مع قبول الواجب المتعدد لتعلقه بالطبيعة، فهو نظير اتصاف الأفراد المتعددة الحاصلة من مكلف واحد قبل سقوط الوجوب عنه عند تعلق الأمر بالطبيعة حسب ما مر بيانه، فتأمل.
الثاني: أنه هل يسقط الوجوب عن الباقين بشروع البعض فيه، أو أنه إنما يسقط بإتمام الفعل؟ وجهان، وظاهر جماعة منهم بقاء الوجوب ما لم يحصل الإتمام، وهو الذي يقتضيه الأصل وإطلاق الأمر، وهو المختار.
ولا فرق بين الإتيان بمعظم الفعل وعدمه، فيجوز إتيان الغير به على وجه الوجوب، لكن لو كان المطلوب فعلا واحدا - كما مر - أشكل إقدام الباقين عليه حينئذ، فالظاهر السقوط عنهم حينئذ سقوطا مراعى بإتمام المباشر.
وأما لو كان المطلوب مطلق الطبيعة فلا مانع من مباشرة الباقين أيضا، ويكون متصفا بالوجوب قبل إتمام العمل ولو من البعض. نعم، لو لم يكن أجزاء الفعل مرتبا بعضها بالبعض وشرع فيه بعضهم سقط ذلك البعض عن الباقين، وكان الإتيان بالباقي واجبا على الكفاية.
الثالث: لو أتم البعض فعله قبل الباقين في ما يصح تلبس المتعدد به خرج فعل الباقين من الوجوب، لسقوط التكليف به، وحينئذ فإن كان الفعل مما ثبت مشروعيته جاز إتمامه، ولو كان مما يحرم قطعه وجب الإتمام من تلك الجهة ولا إشكال فيه حينئذ، وإلا أشكل الحال فيه، والظاهر الرجوع فيه إلى مقتضى الأصل،