وبعضهم منع من الأخذ به، ونص بعضهم بعدم الاكتفاء بإخبار العادل بفعله، وألحق بعضهم بشهادة العدلين الشياع، ولا يخلو عن وجه، سيما إذا حصل به ظن قوي يقارب العلم. وهل يكتفي فيه بمطلق الظن؟ وجهان، والمقطوع به في كلام الفاضل الجواد وغيره عدم العبرة به، لكونه موضوعا صرفا لا بد فيه من العلم، أو ظن قام دليل على حجيته، ولا دليل على حجية مطلق الظن في خصوص هذا المقام.
وظاهر كلام جماعة منهم المحقق في المعارج والعلامة في النهاية وغيرهما الاكتفاء في ذلك بمطلق الظن، وكأنه للزوم الحرج لولاه، لحصول العلم غالبا بالتكاليف الكفائية، واعتبار العلم بأداء الغير لها في سقوط التكليف بها في الظاهر يفضي إلى المشقة، مع قيام السيرة المستمرة على خلافه، فإن الميت إذا كان بين أظهر المسلمين من غير حصول عائق من التوجه لتجهيزه فإن الظاهر قيامهم بأمره، وقد جرت الطريقة على عدم التزام غيرهم بالتجسس عن حاله وبنائهم على قيام غيرهم بأمره.
وفيه: أن دعوى الحرج في المقام مما لا وجه له، كيف! وإذا لم يكن عليهم حرج في أصل تعلق التكليف بهم كيف يتوهم ثبوت الحرج عليهم في تحصيل العلم بسقوطه عنهم!
ودعوى قيام السيرة على الاعتماد على الظن القوي الحاصل من العادة في الصورة المذكورة إن تمت فإنما تفيد جواز الاعتماد على ذلك الظن الخاص فيلحق بغيره من الظنون الخاصة مما دل الدليل على جواز الاعتماد عليها، وأين ذلك من الدلالة على الاكتفاء بمطلق الظن؟
ودعوى عدم القول بالفصل مجازفة لا شاهد عليها، وقد يفصل في المقام بين ما إذا حصل العلم بالواجب الكفائي وقارنه الظن بقيام الغير به فيكتفى حينئذ بمطلق الظن إذا كان الدليل على وجوبه منحصرا في الاجماع لأصالة براءة ذمته عن ذلك وعدم قيام الاجماع على تعلق الوجوب به حينئذ، وما إذا كان بخلاف