قوله: * (ذهب إلى كل فريق) *.
فقد حكي الأول من أبي بكر الرازي وأبي الحسين البصري تفريعا على القول بالفور وكذا القاضي عبد الجبار، وحكى الثاني عن الكرخي وأبي عبد الله البصري.
قوله: * (إن الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على الإطلاق) *.
يمكن أن يقال: إن ما ذكره مناف لما اختاره من الدلالة على الفور، إذ القائل المذكور إنما يقول: باقتضائه كون المأمور فاعلا على سبيل الفور لا على الإطلاق.
ويمكن أن يقال: إن القائل المذكور قد جعل مقتضى الأمر شيئين:
كون الفعل حاصلا من المأمور به مطلوبا إيجاده حيث أسند الفعل إليه من الجهة المذكورة حسب ما مر توضيح القول فيه.
والثاني: كون ذلك الفعل حاصلا منه على الفور سواء قلنا بكون الثاني أيضا مدلولا ابتدائيا للأمر أو قلنا بكون ذلك من مقتضيات الوجوب، لظهور الوجوب في الفور، فيقتضي الأمر بالفعل الأمرين المذكورين فلا بد أولا من الجمع بين مقتضييه فإن عصى وخالف الأول بقي الثاني.
والمصنف اختصر البيان المذكور والمذكور في النهاية يقارب ما قررناه، حيث قال في بيان الحجة المذكورة: إن لفظة " إفعل " يقتضي كون المأمور فاعلا، وهو يوجب بقاء الأمر ما لم يصر المأمور فاعلا، ويقتضي أيضا وجوب المأمور به، ووجوبه يقتضي كونه على الفور وإذا أمكن الجمع بين موجبيهما لم يكن لنا إبطال أحدهما، وقد أمكن الجمع بأن يوجب الفعل في أول أوقات الإمكان، لئلا ينتقض وجوبه فإن لم يفعله أوجبناه في الثاني، لأن مقتضى الأمر كون المأمور فاعلا ولم يحصل بعد.
وتوضيح المقام: أن الفور إما أن يلحظ قيدا للطلب، فإن الطلب للفعل يمكن أن يكون على وجه الفور وأن يكون على وجه التراخي، أو يلحظ قيدا للمطلوب والوجهان اعتباران لحقيقة واحدة، إذ ليس هناك إلا طلب الفعل على سبيل الفور فصح أن يلحظ قيدا للطلب وقيدا للمطلوب.