عدم صحة تعلق الأمر بها كما هو المدعى. هذا بالنسبة إلى الأوامر الابتدائية التي يستفاد منها أصل المطلوبية؟.
وأما الأوامر المتكررة الواردة بعد معرفة كون تلك الأفعال عبادة مطلوبة فهي أيضا مما لا مانع في ورودها، فإنها كالأمر بالطاعة مع أن الطاعة فيما يراد إيجاد الفعل هي موافقة الأمر، فغاية الأمر أن تكون مؤكدة وهي إنما سيقت لأجل ذلك.
وثالثا: أن تعلق الأمر بها يفيد كون ما تعلق به واجبا إن كان الأمر إيجابيا، أو مندوبا إن كان ندبيا، وذلك لا يستفاد من مجرد ملاحظة الألفاظ المذكورة، فإنها إنما تدل على المطلوبية في الجملة الأعم من الوجوب والندب.
وقد يناقش فيه بأن غاية ما يصحح به من ذلك كون تعلق الأمر الإيجابي أو الندبي مفيدا، وأما إذا كان اللفظ الدال على المطلوبية أعم من الوجهين بأن يدل على مطلق الرجحانية فالإيراد على حاله، إذ المفروض كون الألفاظ المفروضة مفيدة لذلك أيضا، وقد وقع ذلك كثيرا في الأدلة الشرعية.
خامسها: أنها لو كانت موضوعة لخصوص الصحيحة لزم دخول وصف الصحة في مفاهيمها، وهو بين الفساد، لظهور كونها من عوارض وجودها في الخارج.
ويدفعه أنه ليس المقصود أخذ مفهوم الصحة في مداليل تلك الألفاظ حتى يرد ما ذكر، بل المدعى كون الموضوع له هو الأفعال الجامعة للأجزاء والشرائط، وهي من شأنها الاتصاف بالصحة عند وجودها في الخارج، ولا يلزم من ذلك أخذ مفهوم الصحة في الموضوع له مطلقا فضلا عن أخذها بعنوان الجزئية، كما توهم في الاحتجاج والتعبير عن المدعى بان تلك الألفاظ موضوعة للصحيحة إنما أريد به ما ذكرنا بجعل الصحيحة عنوانا لتلك الماهية المستجمعة للأجزاء والشرائط.
سادسها: أنها لو كانت موضوعة للصحيحة لزم دخول الشرائط في مفاهيم تلك العبادات، فلا يبقى فرق بين أجزائها وشرائطها، لاندراج الجميع إذن في مفاهيمها، وهو فاسد بالإجماع، وقد أشار إلى ذلك العضدي.
وهو كسابقه في غاية الوهن، للفرق البين بين أخذ الشئ جزءا من المفهوم