بعد تكافؤهما لا ينهضان حجة على المطلق فلا بد من البناء على الوجه المذكور، ومن أن الحكم بمدلول الخاص قد ثبت أولا قطعا وإنما الكلام في رفعه وهو مشكوك بحسب الفرض فيستصحب إلى أن يعلم الرافع، وحيث أن حجية الاستصحاب مبنية على التعبد فلا مانع من الأخذ به مع انتفاء الظن. وكأن هذا هو الأظهر.
ثامنها: الدوران بين التقييد والإضمار.
تاسعها: الدوران بينه وبين النسخ، والحال فيهما كالحال في دوران الأمر بين التخصيص وكل منهما، بل الظاهر أن الحكم بالتقديم فيه أوضح من التخصيص، لانتفاء التجوز فيه في الغالب، ويجئ في الأول منهما نظير ما مر من احتمال التفصيل.
عاشرها: الدوران بين الإضمار والنسخ، وقد نص في المنية بترجيح الإضمار، ولم أعرف من حكم فيه بتقديم النسخ أو بنى على الوقف. ويدل عليه ظاهر فهم العرف، وبعد النسخ، وشيوع الإضمار، ومخالفة النسخ للأصل والظاهر، كما مرت الإشارة إليه.
ولو تكافأ الاحتمالان بملاحظة خصوصية المقام، فإن كان هناك قدر جامع اخذ به، ولا بد في غيره من الوقف والرجوع، إلى القواعد والأصول الفقهية.
ثم إنك قد عرفت أن ما ذكرناه من ترجيح بعض الوجوه المذكورة على آخر إنما هو بالنسبة إلى معرفة المراد من اللفظ، وتعيين ما هو المستفاد منه في متفاهم أهل اللسان بعد معرفة نفس الموضوع له، وأما استعلام المعنى الموضوع له بملاحظة ذلك - كما إذا كان ترجيح التخصيص باعثا على الحكم بثبوت الوضع للعموم - فلا يحصل بمثل ذلك، فإن الاستناد إليها في ذلك يشبه الاعتماد على التخريجات العقلية في إثبات الأمور التوقيفية، وتحصيل الظن بالوضع من جهتها في كمال البعد، والفرق بين المقامين ظاهر كما لا يخفى على المتأمل.
هذا ملخص القول في مسائل الدوران، وقد عرفت أن ما ذكرناه من ترجيح