وأنت خبير بعد ملاحظة ما ذكرناه في محل النزاع أن هذا التفصيل عين التفصيل المتقدم أو قريب منه، وهو كسابقه راجع إلى التفصيل الثاني.
هذا محصل الكلام في الأقوال وهو المقام الثالث من المقامات المذكورة.
قوله: * (وإنما استعملها الشارع فيها بطريق المجاز) * هذا الكلام يعطي اتفاق القائلين بثبوت الحقيقة الشرعية ومنكريها على ثبوت استعمال الشارع لها في المعاني الجديدة.
وفيه: أن أحد النقلين عن الباقلاني هو إنكاره للاستعمال في المعاني الشرعية رأسا، وإنما قال باستعمالها في المعاني اللغوية وجعل الزيادات شروطا خارجة عن المستعمل فيه، وكأنه لعدم ثبوت هذه النسبة، أو لوهنه جدا ووضوح فساده لم يلتفت اليه.
قوله: * (ويظهر ثمرة الخلاف... الخ) * هذا هو المقام الرابع من المقامات المذكورة، وقد يشكل الحال فيما ذكره بأنه إن قيل بكون الوضع هناك تعينيا حاصلا من الغلبة والاشتهار في زمان الشارع - كما هو المتعين عند جماعة من المتأخرين على فرض ثبوت الحقيقة الشرعية - فلا يتم ما ذكره من الثمرة، لعدم انضباط تاريخ الغلبة ولا تاريخ صدور الرواية، فينبغي التوقف في الحمل.
والقول بأن قضية الأصل تأخرهما فيتقارنان، وهو كاف في المقصود مدفوع، بأن الغلبة ليست مما تحصل في آن واحد وإنما هو من الأمور التدريجية، فلا وجه للحكم بمقارنته لحال صدور الرواية.
مضافا إلى أن العبرة في المقام بالظن والأصل المفروض لا يفيد ظنا في المقام ليمكن الرجوع اليه في معرفة المراد من اللفظ، وليس الأمر في فهم معاني الألفاظ مبنيا على التعبد، مع ما في الأصل المذكور من المناقشة المذكورة في محله، على أنه غير جار في اللفظ الوارد في الروايات المتعددة، لمقارنته إذن لواحد منها فيشتبه المقارن بغيره.