الحاضرين، فغاية الأمر عدم ثبوته بذلك عندنا، وهو لا يقضي بانتفائه في الواقع، كما هو المقصود.
فإن قلت: إن الواجب على الحاضرين إبلاغه بطريق التواتر، إذ لا فائدة في نقل الآحاد في المقام.
قلت: لا معنى لوجوب نقله متواترا على كل من الآحاد، فغاية الأمر وجوب النقل آحادا على كل منهم لحصول التواتر بالمجموع، وليس الجميع عدولا لئلا يتهاونوا بالتكليف، على أنه قد يحصل مانع آخر من حصول التواتر في الطبقات.
قوله: * (إنما هو بحسب دلالتها بالوضع فيها) * إن أراد بذلك حصول الوضع في تلك اللغة من أرباب اللسان فمسلم ولا يثبت به المدعى، إذ المفروض كون الشارع من العرب وسيدهم، ولو فرض كون الواضع لها هو الله تعالى فكون النقل بحسب ذلك اللسان كاف فيه، كما أن وضعه كذلك كاف في الانتساب إلى اللغة لو قلنا بكون واضع اللغات هو الله سبحانه لاتحاد الواضع اذن في الكل، وإن اعتبر وقوع الوضع من واضع أصل اللغة فممنوع، بل ظاهر الفساد، لوضوح كون المنقولات العرفية العامة والخاصة مندرجة في العربية مع كون الوضع فيها من غيرهم، على أنه لا يتم لو قلنا بأن واضع اللغات هو الله تعالى، وقلنا بكون الوضع في الحقيقة الشرعية منه تعالى.
قوله: * (باعتبار الترديد بالقرائن) * أورد عليه بأن العلم بالترديد بالقرائن لو حصل للكل لم يقع خلاف، وإلا لنقلنا الكلام إلى من لم يحصل له العلم، فنقول: إن علمه إما بالتواتر، أو بالآحاد... الخ.
ويدفعه أن الترديد بالقرائن قد حصل بالنسبة إلى الحاضرين، وهم قد نقلوا تلك الأخبار على حالها ليقف من بعدهم على الحال، فإن لم يحصل هناك علم لبعضهم فلا مانع، وكون طريق معرفته حينئذ منحصرا في التواتر والآحاد وعدم حصول الأول وعدم الاكتفاء بالثاني لا يقضي بعدم حصول التفهيم لهم ونقلهم ما يفيد ذلك، فكيف يمكن تتميم الاحتجاج بمجرد ذلك؟.