ووضوح فسادها، وظاهر ما حكي من الاتفاق يدفعها.
قوله: * (لنا أنا نقطع أن السيد... الخ) * هذه عمدة أدلة القائلين بوضعها للوجوب، وهو استناد إلى التبادر، تقريره: أن السيد إذا قال لعبده مع خلو المقام عن القرائن: " إفعل " فلم يفعل عد عاصيا وذمة العقلاء على ترك الفعل، وهو معنى الوجوب.
وقد يورد عليه بوجوه:
منها: أنه لو تبادر منه الوجوب لزم انتقال الذهن من الأمر إلى المنع من الترك وليس كذلك، إذ قد لا يخطر الترك بالبال فضلا عن المنع عنه.
ويدفعه أن الوجوب معنى بسيط إجمالي يؤخذ فيه المنع من الترك عند التحليل العقلي، فلا يلزم حينئذ تصور المنع من الترك عند تصور الوجوب إجمالا، وذلك ظاهر من ملاحظة سائر المفاهيم الإجمالية المنحلة عند التفصيل إلى مفاهيم عديدة.
مضافا إلى أن المنع من الترك ليس جزء من مفهوم الوجوب ولو عند التحليل بل هو من لوازمه حسب ما يأتي الإشارة اليه.
ومنها: المنع من خلو المقام الذي يفهم منه ذلك عن القرينة، إذ الغالب في العرف قيام القرائن الحالية أو المقالية على ذلك، وقد أشار اليه المصنف (رحمه الله) بقوله:
" لا يقال... " الخ ويأتي الكلام في الجواب عنه.
ومنها: أن الفهم المذكور قد يكون من جهة إيجاب الشرع طاعة السيد على العبد وإلزامه بامتثال أوامره، أو من جهة قضاء العرف به، ففرض وقوع الأمر من السيد بالنسبة إلى عبده قاض بذلك بملاحظة حكم الشرع أو العرف، وأين ذلك من دلالة الصيغة بنفسها عليه.
ووهنه ظاهر، فإن الشرع أو العرف إنما أوجب على العبد الإتيان بما أوجبه مولاه لا غير ذلك، وإيجابه في المقام فرع دلالة الأمر.
ومنها: أن العصيان بمعنى مخالفة الأمر لا يثبت كونه محرما إلا بعد دلالة الأمر