أيضا إلا أن يبني فيه على التقييد، وهو مع مخالفته للأصل خلاف المنساق من العبارة كما عرفت ففي ذلك تأييد لما قررناه من أحد الوجهين المتقدمين.
ثالثها: أنها لو كانت موضوعة للصحيحة لزم التزام أحد أمرين في لفظ الصلاة من القول باختصاصه بواحدة من الصور - ويكون غيرها من سائر صورها غير مندرجة في الصلاة، إلا أنها تنوب منابها وتقوم مقامها في اسقاط التكليف بها - أو القول بثبوت ماهيات متعددة متباينة للصلاة فوق حد الإحصاء، والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله. أما الملازمة فلأن ماهية الشئ عبارة عما يكون به الشئ هو، فلا بد أن يكون أمرا محققا في نفس الأمر متعينا في حد ذاته، ولا يكون تابعا لاعتبار المعتبر بحيث يزيد أجزاؤه وينقص بمجرد الاعتبار، وإذا وضع لفظ بإزائها فلا بد أن يلاحظ الواضع تلك الماهية على نحو يتعين ويتميز عما سواها، وحينئذ إذا انتفى شئ من أجزائها أو شرائطها المعتبرة فيها يلزم انتفاء تلك الماهية وخروجها من الموضوع له، فإذا كانت الصلاة اسما لماهية معينة محدودة مكيفة بشرائط عديدة فيلزم من ذلك انتفاؤها بانتفاء جزء منها أو شرط، كما هو قضية ما مهدناه ويعترف به القائل بكونها أسامي للصحيحة.
فنقول: حينئذ لا شك أن الصلاة يختلف أجزاؤها بحسب أحوال المصلين فلها بالنسبة إلى الحاضر أجزاء وبالنسبة إلى المسافر أجزاء، وكذا بالنسبة إلى القادر والعاجز على اختلاف مراتب العجز، وكذا بالنسبة إلى المتذكر والساهي على اختلاف أنحاء السهو الواقع منه، وكذا الحال بالنسبة إلى شروطها على اختلاف المراتب في القدرة والعجز والسهو والنسيان، فقد تحصل إذن ماهيات كثيرة غير محصورة مختلفة في المقومات والأجزاء والشرائط المعتبرة.
فإن قيل بكون الصلاة اسما للجامع لجميع تلك الأجزاء والشرائط لا غير لزم خروج الباقي عن الصلاة حقيقة، فيكون إجزاؤها عن الصلاة لنيابتها عنها، وهو اللازم الأول، وإن قيل بوضعها لكل من تلك الحقائق المختلفة الخارجة عن حد الإحصاء فهو اللازم الثاني.