معالم الدين:
أصل واختلفوا في استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي، كاختلافهم في استعمال المشترك في معانيه فمنعه قوم، وجوزه آخرون. ثم اختلف المجوزون فأكثرهم على أنه مجاز. وربما قيل بكونه حقيقة ومجازا بالاعتبارين.
حجة المانعين: انه لو جاز استعمال اللفظ في المعنيين، للزم الجمع بين المتنافيين. أما الملازمة، فلأن من شرط المجاز نصب القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة، ولهذا قال أهل البيان: إن المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة، وملزوم معاند الشئ معاند لذلك الشئ. وإلا لزم صدق الملزوم بدون اللازم وهو محال، وجعلوا هذا وجه الفرق بين المجاز والكناية. وحينئذ، فإذا استعمل المتكلم اللفظ فيهما، كان مريدا لاستعماله فيما وضع له، باعتبار إرادة المعنى الحقيقي غير مريد له باعتبار إرادة المعنى المجازي، وهو ما ذكر من اللازم. وأما بطلانه فواضح.
وحجة المجوزين: أنه ليس بين إرادة الحقيقة وإرادة المجاز معا منافاة.
وإذا لم يكن ثم منافاة لم يمتنع اجتماع الإرادتين عند التكلم.
واحتجوا لكونه مجازا: بأن استعماله فيهما استعمال في غير ما وضع له أولا، إذ لم يكن المعنى المجازي داخلا في الموضوع له وهو الآن داخل، فكان مجازا.
واحتج القائل بكونه حقيقة ومجازا: بأن اللفظ مستعمل في كل واحد من المعنيين. والمفروض أنه حقيقة في أحدهما، مجاز في