والنوع الأول من المفردات معظم الألفاظ الموضوعة فإنها إنما تقضي بإحضار معانيها ببال السامع من غير أن تفيد إثبات تلك المعاني في الخارج، فهي أعم من أن تكون ثابتة في الواقع أولا، والنوع الثاني منها كأسماء الإشارة والأفعال الإنشائية بالنسبة إلى وضعها النسبي وعدة من الحروف كحروف النداء والحروف المشبهة بالفعل ونحوها، فإن كلا من الإشارة والنسبة الخاصة والنداء والتأكيد حاصل من استعمال (هذا، واضرب، ويا، وإن) في معانيها، فمفاد تلك الألفاظ إيجاد معانيها الأفرادية في الخارج نظير الإنشاءات في المعاني التركيبية.
هذا، وقد يكون وضع اللفظ لا بإزاء معنى يستعمل فيه، وحينئذ فقد يكون موضوعا بإزاء أمور اخر غير إفادة المعاني ك (أن المصدرية، وما الكافة، وتنوين الترنم) ونحوها، وقد يجعل له فائدة معنوية كالتأكيد المستفاد من بعض الحروف الزائدة ك (من) في قولك: " ما في الدار من رجل " وقد لا يكون فيه ذلك أيضا كبعض آخر من الحروف الزائدة، والظاهر خروج الجميع عن قسمي الحقيقة والمجاز كما يظهر من ملاحظة حديهما، وقد يعبر عن هذا النوع من الوضع في غير الصورة الأخيرة بالوضع الإفادي، كما قد يعبر عن الأول بالوضع الاستعمالي (1) وقد يكون الوضع لأجل أن يتركب منه الألفاظ الموضوعة كوضع حروف التهجي، وقد يعبر عنه بالوضع التحصلي.
الثالثة قد يكون المقصود باستعمال اللفظ إفادة الموضوع له، وقد يكون المقصود إفادة غير ما وضع له ابتداء، وحينئذ فالغالب أن يكون الموضوع له واسطة في الانتقال إليه بمعونة القرينة الدالة عليه من غير أن يراد ذلك من اللفظ، بل إنما يكون واسطة في الانتقال خاصة، وقد لا يكون المعنى الموضوع له واسطة في الانتقال إليه أيضا، بل يكون القرينة هي المفهمة لإرادة ذلك المعنى من غير انتقال إلى معناه