ويدفعه: بعد تسليم كونه تخصيصا أنه ليس المراد بالتخصيص هناك ما يشمل ذلك، بل المراد به ما عداه، لوضوح ندرة النسخ بالنسبة إلى المجاز وغيره وعدم انصراف الكلام إليه مع دوران الأمر بينه وبين المجاز.
وبالجملة: أنه ليس من التخصيص المعروف الذي مرت الإشارة إليه.
نعم، لو كان نفي الحكم بالنسبة إلى بعض الأزمان مندرجا في التخصيص المعروف لم يبعد ترجيحه على المجاز - كما إذا قال: " أكرم زيدا كل يوم "، ثم قال بعد عدة أيام: " لا يجب عليك إكرام زيد " - إذ من القريب حينئذ البناء على تخصيص الحكم بالأيام السالفة، إلا أنه قد يتأمل في اندراج ذلك في النسخ المذكور في المقام.
هذا، ولو كان ورود ما يحتمل النسخ بعد حضور وقت العمل تعين الحكم بالنسخ، لما تقرر من عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو حينئذ خارج عن محل الكلام، هذا إذا علم انتفاء البيان السابق.
وأما مع الشك فيه - كما هو الحال في غالب الأخبار الواردة عندنا سواء كانت نبوية ليحتمل كونها هي الناسخة، أو إمامية لا يحتمل فيها ذلك، لقيام احتمال كونها كاشفة عن الناسخ - فالظاهر أيضا فيها ترجيح المجاز، لما قلناه، ويحتمل التوقف في الأول، أو ترجيح النسخ، نظرا إلى أصالة عدم تقدم غيره.
خامسها: الدوران بين التخصيص والتقييد، كما في قولك: " أكرم العلماء، وإن ضربك رجل فلا تكرمه " فيدور الأمر في المقام بين تخصيص العام في الأول بغير الضارب، وتقييد الرجل في الثاني بغير العالم، وجهان:
التوقف في المقام حتى يظهر الترجيح من ملاحظة خصوصيات الموارد، لشيوع الأمرين وتساويهما في كونهما مخالفين للأصل.
وترجيح التقييد، لضعف شموله للأفراد بالنسبة إلى شمول العام، فإن شمول العام لها بحسب الوضع وشمول المطلق من جهة قضاء ظاهر الإطلاق، وأنه لا تجوز في التقييد في الغالب بخلاف التخصيص. وكأنه الأظهر.